في البدء كانت الكلمة (2) / سيدي علي بلعمش

خميس, 06/12/2025 - 20:07

ليس عيبا أن تكون للرئيس بطانة ؛ العيب في أن يختار أسوأ بطانة ثم يبرر الفشل بأنها هي من أفسدت كل شيء و أن الرئيس وحده لا يستطيع أن يبني البلد ، ناسيا أن تلك مسؤوليته . فأين الوعد ؟

ليس عيبا أن يمنح الرئيس وزراءه كل الثقة ، العيب أن لا يملك آلية لمتابعتهم و لا أخرى لمحاسبتهم ، في إشارة واضحة للتغاضي عن فسادهم ..

ليس عيبا أن يسرق أو ينحرف أي مسؤول ؛ العيب في أن يكون تدويره أكبر عقوبة تنتظره ..

ليس عيبا أن يشتري موريتانيون عقارات في الخارج ؛ العيب أن تصبح موضة داخل أوساط كبار المسؤولين في البلد ..
(أنصح أي موظف في البلد يمتلك عقارا في الخارج ، أن يبيعه و يعيد أموال البلد إليه ؛ لأنها جريمة مركبة لن تمر .. لن تمر .. لن تمرَّ من دون عقاب . و الأيام أمامنا…).

كان ولد الطائع آخر رئيس يحكم موريتانيا و كانت زوجات كل من جاؤوا بعده أول سيدات أوائل في تاريخ البلد ، برتبة "أقل من رئيس و أكبر من وزير أول"..
لم يكنَّ يحضرن مجلس الوزراء (نؤومُ الضحى لم تَنتَطِق عن تَفَضُّلِ) ، لكنه لا ينعقد من دون جمع توصياتهن من كل القطاعات !!

كان ولد الطائع آخر رئيس يحكم موريتانيا و كان ابنه (النقيب) آخر ابن رئيس يستلف ثمن تذكرته للذهاب إلى إسبانيا بعد إعلان الإطاحة بنظام والده ..

ـ ليس عيبا أن يكون الرئيس متسامحا ؛ العيب في التصوف في التسامح حد اعتبار الإهمال فضيلة ..

ـ ليس عيبا أن نصل إلى الكرسي بأي وسيلة في بلد فاسد ؛ العيب في أن تبرر غاياتنا كل وسيلة ..

من يعتقد اليوم أن ثمة أمرًا في هذا البلد يخفى على أغبى الناس ، هو أغبى الناس قطعا ..

من يعتقد اليوم ، أن الأمور ما زالت تسير كما في زمن الحزب الواحد و الجريدة الواحدة و رجل الشارع الأوحد و الرئيس الفاعل لما يريد "غير المسؤول عن أفعاله" (كما يقول الشدو) ،، هو قطعا من يمشي ليلا في طريق مسدود ..

من لا يفهم أن مأساة عزيز أصبحت ماركة مسجلة ، لن ينجو من مثلها إلا من نجا بنفسه من أسبابها ، هو حقا من يحتاج اليوم شفقتنا : (لو لم نسجل في تاريخ ولد داداه و ولد مولود سوى فرض إنشاء تلك اللجنة البرلمانية ، لكفاهما عطاء وتضحيات من أجل هذا البلد)..

أنصح الرئيس غزواني ، بأعلى درجات الصدق و بكل ما تمليه الأمانة و الوفاء ، بأن يفهم أن كل ما يفكر فيه اليوم تتراءى دونه كل معوقاته :
ـ لم يعد ممكنا ، لأنه يسير عكس التيار ..
ـ لم يعد ممكنا ، لأنه يتجاهل كل المتغيرات ..
ـ لم يعد ممكنا ، لأن تجربة الحكم على طريقته ، أصبحت موضع تندر الجميع ..
ـ لم يعد ممكنا ، لأنه يعمل ليل نهار على أن يكون غير ممكن ..
ـ لم يعد ممكنا ، لأن الترويج لنظام منهار بوجوه أسباب انهياره ، تحد استفزازي لجمهور أصبح يعرف ما يريده و يعرف كيف الوصول إليه..
ـ لم يعد ممكنا ، لأن كل شيء تغير في هذا البلد إلا ألاعيب الأنظمة و ابتذال كبار مسؤوليها ..

ـ أكثر ما يتفق عليه جل الموريتانيين اليوم ، هو عبقرية جل وزراء الدولة ، في ابتداع الأكاذيب ، كأن هذه الرذيلة أصبحت أهم شروط التوزير !؟

من يحكم على النظام اليوم بغير التخبط ، يداعب آماله بتخدير آلامه ..

كل من يتابع بفطنة و تعقل ، هذا الوضع المتردي يوما بعد يوم ، لا بد أن يلاحظ طغيان عمى البصيرة و تنمر الاستهتار و هما أهم عوامل اضطراب الحكم و تعثر التوفيق ..

*سيدي الرئيس* ،
أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي : ما زال أمامكم وقتا كافيا لتصحيح اعتقاداتكم و حساباتكم و تصليح ما يكفي من أمور لإثبات حسن نياتكم و صدق مساعيكم لإنقاذ هذا البلد الغارق في فساد "نخبه" الفاسدة ، المفسدة ..

لا نملك اليوم ، لإثبات ولائنا لهذا البلد ، سوى توجيه النصح لمن ابتلوا بتولي أمره كما ابتليَّ بهم . و سنسدي لهم النصح بكل ما تتطلب المهمة من صدق و جراءة و وضوح ..

لقد كان خطأ ولد عبد العزيز الذي تسبب في كل محنته ، هو اعتقاده الراسخ بأن كل شيء ممكن في موريتانيا ، ليدرك في آخر لحظة أن الممكن الوحيد لم يعد غير خروجه عاريا من حلبة اللعبة ، من دون أن يفهم الأسباب !!
كانت الخطة (B) في برنامج عزيز تتمثل في خلق بيرام و جعله قوة مهددة للبيظان ، يتم استخدامها في حالة عجز عزيز عن الاستمرارية لأسباب ما ، في حرب أهلية لمحو آثار الفساد و مشاغلة المجتمع عن متابعة المفسدين بعد فرارهم من البلد .
هذا العمل الإجرامي النوعي ، الذي ما زال في النظام اليوم ، من كانوا يعملون مع عزيز على إعداده ، يبدو الآن من الواضح ، أن ثمة من يعملون على إذكاء نيرانه من جديد لنفس الأغراض ..

على هذه الأيادي الآثمة أن تتوقف عن العبث بمصير هذا الشعب البريء و على السلطات أن توقف بيرام عند حدوده ، قبل أن تكون قضية شعب !!
ـ وفد إيراني يزور بيرام ..
ـ وفد من البوليساريو يلتقي بيرام ..
ـ سفراء غربيون يلتقون بيرام ..
ماذا بعد !؟
و بصفته ماذا ؟
و من يكون بيرام ؟

إذا لم يكن هذا أكبر دليل على عجز السلطات عن القيام بأبسط مهامها ، فماذا يكون !؟
إذا لم يكن هذا دليلا واضحا على اختراق النظام من قبل قوى شريرة تعمل داخله ، فماذا يمكن أن نسميه !؟

*سيدي الرئيس* ،
تذكر أن التاريخ لا يعيد نفسه إلا حين لا تفهمه الناس من المرة الأولى ..

ما نتمناه اليوم من كل قلوبنا ، هو أن يراجع ولد الغزواني نفسه و يقرر تصحيح مساره مقلوب الهرم ، من دون الوصول إلى فشل الدولة و تحكم الفوضى و فتح الباب لما ليس منه بد ، في عملية تعيدنا عقودا إلى الوراء ، كما نراه اليوم في دول الجوار ، الغارقة في البؤس و الفوضى ..

لا تحتاج موريتانيا اليوم ، للخروج من هذا المأزق ، سوى رؤية واضحة و إرادة صادقة ، لا يملك أي منهما قطعا فريقُ "معاوني" ولد الغزواني و لن يتم تطبيق أي منهما على أياديهم الملطخة بآثام الفساد ..

اللهم إني قد أسديت النصح للرئيس ، وفاء لعهد قطعته على نفسي بأن أظل لنظامه سند ..
اللهم إني قد أسديته النصح بكل ما أملك من نبل قصد و قصارى جهد ..
اللهم فاشهد .. اللهم فاشهد :

لا ، لا ،
*ما هكذا تورد الإبل ، يا محمد* !