هل يفهم الإماراتيون (مثل ما نتفهم مواقفهم) ، أن لله في خلقه شؤون !؟ / سيدي علي بلعمش

سبت, 05/31/2025 - 13:29

ـ بعد فشلها في اختراق الجدار الإسلامي المنيع (بجريمة جمعت كل الموبقات السبع)..

ـ بعد إجماع كل مراكز الإفتاء الديني (على علاتها) ، على كفر الإبراهيمية و حيرة الإمارات (المُحِقَّة في بعض أوجهها) : "فما العيب في كفرها"!؟
و "ما الفرق بين كفرها و كفر غيرها"!؟ : "نشكر دول محور الخير السعودية و الإمارات و مصر و الأردن الذين قدموا لنا المساعدة في الحرب و لن ننسى موقفهم المساند" / نتنياهو !!

ـ بعد فشل محاولة شراء الذمم لتسويق مشروعها الكفري الصارخ ، بسبب تفاهة العرض و غباء الإيحاءات المُسَوِّقة له : (لقد أصبحنا مجبرين على الإفتاء في غياب المؤتمنين عليه ، من دون أن نملك من شروطه غير حسن النية و وضوح التواطؤ مع أعداء الله)..

ـ بعد تعرية حرب غزة لكل حقائق العالم و على رأسها المواقف العربية المخجلة حد الخُزي (باستثناء جنوب إفريقيا و الحزائر و موريتانيا) ..

يتم الآن (بطاعة إماراتية عمياء و إصرار صهيوني ، ليس لديه ما يخسره) ربط الإبراهيمية بمشروع حوار الحضارات ، المُعَدُّ من قبل جهابذة الكنيسة الصهيو ـ مسيحية لمواجهة حجة الإسلام المُسْكِتَة ، التي تُؤَكدُ إعجازَها يوما بعد يوم ، اكتشافاتُ الفيزياء و الكيمياء و الرياضيات و علم الطب و الجيولوجيا و الأوسويانوغرافيا(…) ..

يتم الآن البحث عن طرق أذكى لمحو آثار فشل النسخة الأولى من الإبراهيمية ، من خلال استبدال اللاعبين و تغيير قواعد اللعبة : أصبحوا يقولون أننا لم نفهم : لقد كانوا يعنون العائلة الإبراهيمية ، لا الديانة الإبراهيمية !!)..

يتم الآن ، انتقاء جيل اختراق جديد ، أكثر معارف و أقل صدامية ..

يتم الآن استهداف بلدان أبعد من محور اللعبة ، بعد إغرائها بمشاريع اقتصادية مذهلة ، مشروطة بتوغل الإبراهيمية في مختلف فئات نسيجها الاجتماعي و الثقافي و الديني ..

و لأن ؛ أينما انتشر الجهل ازدهرت مراقص الصوفية..

لأن "أينما ذهب الفقر قال له الكفر خذني معك" ،
توهَّمت الإمارات أنها وجدت في موريتانيا و السنيغال الأرضية الخصبة لنفث سمومها ؛

لكن جهل الإمارات لتاريخ البلد و ازدراءها بموريتانيا ، مثل كل من سبقوها بمشاريع أخطر و أكثر إغراء و أدق تخطيط ، من عهد ما قبل المستعمر حتى اليوم ، جعلها تقع في ما كان ينبغي أن تتحاشاه بالضبط :

ـ أخطأت الإمارات في موريتانيا بِعَداء الحزائر
ـ و أخطأت في السنيغال باعتماد الاستشارة الموريتانية في اختيار ممثلي تخبطها العنيد ..

# استبدال موريتانيا جزائر العز و المجد بأي بلد آخر ، أمر تأباه الجغرافيا و التاريخ و الجيرة و الأخوة و المروءة و الشهامة و القيم و الأخلاق..
تأباه الحسابات السياسية و المصالح الأمنية..
و تأباه كل الاعتبارات الجيوسياسية و الاستراتيجية ..

# و اعتماد الاستشارة الموريتانية في السنغال كان يحتاج مهارات تسويقية ، تتبنى حوار ديانات بلا قاع ، يبتلع كل منطق ، لا "مؤتمر سلم إفريقي" لم يُبدِع في غير التصوف في تتفيه الأسباب و الاستهتار بكل نشاز !!

يتم تصحيح المسار في موريتانيا اليوم ، بانقلاب أبيض على الشعبوية و تحميل المنظرين كامل المسؤولية ، تمهيدا لإبعادهم (كجزء من أسباب فشل النسخة الأولى) ..
و يتم تصحيحه في السنيغال على خلفية استشارة من القطب الموريتاني الجديد بما يُحَوِّل الجناح السنيغالي (أربع أُسَر) ، إلى مجرد توسعة احتياطية ، تابعة للجناح الموريتاني الجديد ..

# هذا ما يتم تحضيره اليوم على نار هادئة و بعين لا تنام ، على برنامج مشحون ، فوق نار ملتهبة ، على ما يحدث على الأرض سياسيا و عسكريا ، لإشعال المنطقة ..

حوار الحضارات لم يكن قط إلا تمهيدا ذكيا لحوار الديانات (بطلب سياسي من "علماء" التواطؤ باتجاه "حتى تتبع ملتهم") .

و حوار الديانات ، لا يُخفي كفرَه لأن "الدين عند الله الإسلام"..

فمن يحاور المسلمُ باسم دين آخر غير ناكر لقوله جل و علا ، أو مكذبا له !؟
من تخادعون اليوم غير أنفسكم !؟

و "لا إكراه في الدين" ، هنا كان مخرج "الإبراهيمية" الذي لم تعتمده لأسباب استعراضية تتبنى شعار انتصار الغوغائية و الشعبوية على الله ، تماما كما تروج الإباحية النسوية و العولمة و الماسونية و البيدوفيلية و الديمقراطية الغربية و الرأسمالية المتوحشة و النظام العالمي الجديد و بقايا صقور القديم التي دمرت كل القيم و الأخلاق و استباحت كل شعوب العالم بالأكاذيب و الإذلال ..

و هنا كان مخرج طُليحة بن خويلد و "الفَرِيسْ" مسيلمة الكذاب و زوجته سجاح و من تبعها من عشيرتها و كل من نسوا قوله (جل و علا علوا كبيرا) ، "اللهُ أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالتَه"..

فما هذا الاستهتار !؟
ما هذا الغباء الأعمى !؟

# أصبحت قضية المخدرات و المهلوسات مجرد "مسألة عبور"

# أصبح تزوير العملات و تبييض الأموال في بلدنا مجرد "مسألة عبور" !؟

# أصبحت الهجرة غير الشرعية مجرد "مسألة عبور" ..

# أصبحت الفوضى الداخلية و تهديدات أجهل الجهلاء ، مجرد "مسألة عبور"

و أنا أؤكد لكم (بكل المعطيات الحتمية) ، أن العلاقات الموريتانية الإماراتية أصبحت مجرد مسألة عبور ، ما لم تصحح الإمارات علاقتها مع الجزائر و هو أمر مستبعد بعد تجاوزها كل الحدود ..

لكن أيضا و أيضا ، "مسألة عبور" بعد ماذا !؟

ـ بعد انتشار المخدرات في البلد ، حتى في المدارس الابتدائية . و هي حالة لم تصلها في كولومبيا !؟

ـ بعد أن أصبح المهاجر السري يحمل أوراق البلد و يقول غيره إن فرنسا اشترت إقامته في البلد من سلطاته !؟

ـ بعد أن أصبح حتى القزم الجاهل ، الجبان أبيرام ، يشرط استقرار البلد و استمرار بقائه بنجاحه في انتخابات لم يكمل قط شروط المشاركة فيها ، من دون تواطئ المذنبين في حق البلد !؟

ـ بعد أن تحكمت الإمارات في موانئ و مطارات البلد و تموقعت مراكز تجسسها في أخطر نقاط ضعفنا و قوتنا و أكثرها حساسية !؟

لا يخامرني اليوم أي شك في أن قطع العلاقات الموريتانية الإماراتية أصبح مجرد "مسألة وقت" ؛ لأن عداء الجزائر (بالوكالة) ، المُمَارَس من قبل الإمارات ، بأوامر من الصهيونية العالمية و مجموعة الناتو ، أصبح أجندة واضحة ، بتأجيج و استعدادات مغربية مكشوفة مع الأسف ، فضحها السماح للواء جولاني الإسرائيلي بالمشاركة في مناورات « الأسد الإفريقي 2025 » للتغطية على تدريب وحدات مغربية على حرب الأنفاق ..

انقلاب هرم موازين القوة و صعود روسيا و الصين و كل منظومة بريكس المغمورة ، أحدث ارتباكا رهيبا في العالم ، حوَّل كل قوى الشر (أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا و كل مجرة الناتو المشؤومة) إلى أقزام يتخبطون في الأخطاء ، يسابقون الزمن لتفادي الاصطدام الحتمي مع الرأي العام في بلدانهم المجرمة في حق الجميع ، حتى في حق شعوبهم (كذبة أسلحة العراق ، كذبة القاعدة و فروعها الممولة من ضرائب شعوبهم ، كذبة 11 سبتمبر ، كذبة كوفيد …)

لا شك أن الظروف (حتى الحين) ، تجعل الموقف الموريتاني هو الأفضل في المنطقة (نتيجة مهاراتها العالية في المراوغة في زمن السلم) ، لكنني لا أستبعد أن يتحول إلى الأسوأ (بسبب سوء تقديراتها لزمن الحرب و غياب كل ما يمت إلى أي رؤية الاستراتيجية) ..

إصرار الإمارات على إشعال الحرب في المنطقة ، لا يخفى على أحد ..
و تحاشي الجميع اليوم ، طرح أسئلة أسباب تواجدها بكل هذا الزخم و دوافع تدخلها المُتبجِّحَة في المنطقة و رحلات الشاب المغرور شخبوط آل نهيان المكوكية بين عواصم الساحل ، في سرية كاملة ، يشي برشوة الجميع ؛ صحافة و كتاب و طلائع و رسميين . و سكوت وسائل الإعلام الغربية علي ما يحدث في المنطقة ـ على غير عادتهاـ يفضح جغرافيا المخطط و أبعادَه و ينذر بحرب وشيكة ستأتي على الأخضر و اليابس بكل تأكيد ..

و كل من لا يفهم أن أي حرب في المنطقة ستُظهر أن الجزائر شعب لا يُهزَم ، سيدرك حتما (بعد فوات الأوان) ، أنه أخطأ كل الحسابات !!

و كل من يخطئ الحسابات في هذا الصراع المواكب لأخطر تحولات العالم ، سَيُوَّدِّعُ ـ على الأرجح ـ كل أسباب الاستقرار . و ربما إلى الأبد ..

على موريتانيا أن تراجع مواقفها و تفهم أنها على عتبة خيارات حتمية لا مفر منها ، لا مجال فيها للمشي على الحبلين ..

و على الإمارات أن تفهم أن أكبر خاسر في هذه اللعبة هو حتما ، من يُعوِّل على موقف موريتاني معاد للجزائر أو المغرب أو تونس أو ليبيا !!

ليست هذه نظرتنا للتاريخ و لا مواقفنا من الأشقاء و لا طريقة تعاطينا مع واجبنا الديني و الأخلاقي ..

ـ تذكروا أن موريتانيا كانت البلد العربي الوحيد الذي طرد السفارة الأمريكية بعد النكبة ..

ـ تذكروا أن موريتانيا كانت البلد العربي الوحيد الذي يمنح الفلسطينيين وقتا ثابتا من إذاعته الرسمية (صوت فتح) ..

ـ تذكروا أن موريتانيا كانت البلد العربي الوحيد الذي يمنح جوازات سفر للفلسطينيين و أكثر العمليات التي نفذها الفدائيون الفلسطينيون (فتح و الجبهة الشعبية) ، في السبعينات و الثمانينات ، تمت بجوازات سفر موريتانية ..

ـ تذكروا أن موريتانيا كانت ضمن الدول الخمس التي وقفت مع الشهيد صدام حتى آخر لحظة ..

ـ تذكروا أن الموقف الموريتاني اليوم من غزة ، متقدم على جميع العرب بلا استثناء ..

مواقفنا الدينية و القومية و الأخلاقية ليست للبيع و لا للمجاملات و لا للاستعراض ؛ فهل يفهم الإماراتيون (مثل ما نتفهم مواقفهم) ، أن "لله في خلقه شؤون" !؟