
تعيش بلادنا مرحلة دقيقة تتداخل فيها الأهداف السامية للإصلاح مع مؤامرات خفية تحت مسميات نضالية تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة. في خضم هذه الفوضى، تبرز الحاجة الملحة لتوعية المجتمع بخطورة هذه الأجندات التي تستهدف النسيج الاجتماعي، وتعمل على تقويض اللحمة الوطنية، بل وإلحاق الضرر بالبلاد في سعيها للنهضة والتقدم.
إن التحدي الأكبر الذي يواجه بلادنا ليس فقط آثار التهميش التي يعاني منها بعض الفئات، بل المخاطر الجسيمة التي تأتي من تحركات مشبوهة تهدف إلى تفكيك المجتمع، وزرع الفتنة بين أفراده. لم يعد من المقبول السكوت عن الجرائم التي ترتكب باسم قضايا العدالة، والتي تدعي تمثيل فئات معينة لمصالح شخصية أو أجندات خارجية.
يجب أن نعي أن النضال الحقيقي من أجل الحقوق والعدالة لا يمر عبر الاستغلال السياسي، بل يأتي من خلال صوت صادق ورؤية وطنية شاملة. يحتاج الحراطين وسائر المواطنون إلى ممثلين يحققون العدالة وينطلقون من مكامن الهوية الوطنية، وليس من دوائر الفتنة والانقسام. إن تزييف الوعي والتلاعب بمشاعر الفئات المهمشة يعد أخطر ما يمكن أن تواجهه الأمة، حيث تتحول قضاياهم العادلة إلى أداة في يد من لا يعنيهم إلا تحقيق مكاسبهم.
إن جدلية النضال ضد الظلم تتطلب شجاعة في مواجهة التحديات الحقيقية التي تواجه مجتمعنا، ولتكن أهدافنا في النضال واضحة: التنمية والعدالة والمساواة، في إطار وحدة وطنية لا تلبس عباءة الفتنة والتقسيم. تتطلب المرحلة الحالية تنقية الخطابات من الشوائب والاقتراب من جوهر القضية، والتحرر من أي تبعية أو ابتزاز قد يمس الحقوق المشروعة.
نحن بحاجة إلى قادة حقيقيين يلتزمون بالوطن، ويضعون مصلحة الشعب فوق كل اعتبار. لنقدم نموذجاً لنضال نقيّ، يبتعد عن أي ولاء خارجي، ويركز على بناء وطن يحقق العدالة للجميع، وطن قادر على احتضان جميع أبنائه من مختلف الأعراق والثقافات.
إن الدولة ملزمة بأن تضع حداً للممارسات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار والابتزاز السياسي. يجب أن نعي جميعاً أن الحوار والتفاهم هو الطريق الأنسب لبناء مجتمع صحي وسلمي، يعتمد على الشفافية والمصداقية. من المهم أن يرتقي النقاش حول الحقوق إلى مستوى عالي من المسؤولية، حيث يتحقق فيه التواصل البناء بعيداً عن الشعارات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
من الضروري أن نعمل جميعاً على تعزيز الوعي الوطني، ونشر قيم التعاون والتفاهم والعدالة. لنحقق ما نصبو إليه من تقدم ورخاء، علينا أن نكون صفاً واحداً نعمل على بناء وطن يسع الجميع، وطن لا يُختصر على فئة بعينها، بل يشمل كل أبناء الشعب، ويعطي لكل ذي حقٍ حقه.
لنستعد جميعاً لكتابة صفحة جديدة من تاريخ وطننا، وبناء مستقبل زاهر يتسع للجميع، يرتكز على أسس قوية من العدالة والمساواة، ووحدة الصف في وجه كل المؤامرات التي تهدف إلى إضعافنا. لنحافظ على وطننا، ونعمل من أجله جميعاً، فنحن بحاجة إلى نبض قلوب واحدة في سبيل تحقيق العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، ومن أجل غدٍ أفضل لنا ولأبنائنا.