بمناسبة ذكرى وفاة السفير والوجيه الاجتماعي الكبير الوالد محمد غالي ولد البو ولد عبدي ولد الجيد

ثلاثاء, 03/12/2024 - 02:12

تقدم لكم رياح الجنوب ورقة خاصة عن السفير الثاني لموريتانيا لدى السنغال بقلم المدير الناشر محمدن ولد عبدالله:
:
محمدغالي ولد الب:
السفير الثاني لموريتانيا لدى السنغال الإداري والدبلوماسي رائد جيل التأسيس صاحب الطرف والنكت الشهيرة السيد الوجيه الاجتماعي محمد غالي ولد البو شخصية إدارية ودبلوماسية وقامة استثنائية هي محل إجماع وإعجاب منقطع النظير لدى الكثير من الموريتانيين لما انطوت عليه سيرة حياته من الثقة بالنفس والشهامة مع التفاني في حب الوطن والاعتزاز به كما سجلت مواقفه الاجتماعية والانسانية اروع المواقف وأجلها،

ولد محمد غالي في الثلاثينات 1934 تقريبا في تمبدغه بالحوض الشرقي ونشأ في بيت عز وكرم من أبوين ضاربين في عراقة الأصل وكرامة النفس، فأبوه عبد الرحمن الملقب ألب ولد محمد ولد عبدي ولد إجيد الموساوي القلاوي البكري وأمه هي مريم بنت محمد محمود ولد بيّ المسومية بيت العلم والزهد والتصوف،
حفظ القرآن باكرا والتحق بمدرسة أبناء الشيوخ في تمبدغه وبعدها غادر الحوض باتجاه روصو حيث سيواصل دراسته في ثانوية كبولاني
وكان في تلك الفترة محل إعجاب لدى الفرنسيين،
لكنه إعجاب من طرف واحد فمحمدغالي ظل محافظا على نخوته وكرامته، وله مع الفرنسيين مواقف ومشاكسات،
من أطرفها سُخريتُه عندما كان يعمل مع المستعمر في الرصد الجوي من ملاّح الطائرة الذي كان ينتظر ان يوجهه محمد غالي ويزوده بالمعلومات المناخية ليتمكن من الهبوط بسلام بطائرته فلما أشرف الطيار على الهبوط وكان اليوم شديد الرياح اتصل الملاح بمحمدغالي في محطة الرصد الجوي قائلا: أيمكنني النزول وما حالة الطقس؟ فقال له محمدغالي باستهزاء: أنت الذي في الجو أعلم بحالته إن شئت نزلت وإن شئت لا تنزل !!
فتأزم الوضع بينه وبين الإدارة ففصلوه عن العمل...
ومالبث إلا يسيرا حتى استُدعيٓ إلى اندر مقر الحكومة الموريتانية آنذاك ليكون كاتبا خاصا للفرنسي موريس كنباني وما إن وصل إلى اندر حتى استقبل بحفاوة ووضعت تحت تصرفه سيارة فارهة وبدأ يمارس عمله وكان هذا أول عمل إداري يباشره قبل الاستقلال ،

بدأ السفير محمد غالي مساره الوظيفي بالإدارة الإقليمية التي تدرج فيها من حاكم إلى والي في عهد الرئيس المخطار ولد داداه وكانت بينهما مودة وصداقة خاصة وحكايات شيقة ومرحة
فقد تعاهدا ان يقبل محمد غالي أن يكون حاكم جكني مقابل منحة في باريز في معهد ماوراء البحارالذي تخرج منه متفوقا برتبة إداري معتمد و عاد الي موريتانيا ليشغل تلك الوظائف
ومن حرص الرئيس المختار كان يقبل بأريحية كل تصرفاته ولو كانت عند البعض غريبة لكن في الحقيقة كان محمد غالي يلجأ إلى ذلك في غياب قانون واضح.
من هنا ياتي اجتهاده في اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا

فقد عيّن المخطار السفير محمدغالي حاكما مباشرة بعد استحداث مقاطعة چيگني ليكون أول حاكم لها وسيكون فيما بعد أول عمدة لها في الثمانينات،

بعد ذلك تنقل حاكما في مدن أطار وبتلميت والمذرذرة واركيز وكيهيدي ثم واليا لاترارزه وانواذيب وإينشيري وتگانت،
كما مثّل بلاده ضمن بعثاتها الدبلوماسية سفيرا فوق العادة وكامل الصلاحيات في السنغال وساحل العاج والاتحاد السوفيتي

شغل منصب ألأمين العام في وزارات عدة هي الخارجية والداخلية والعدل والتعليم وقبل ذلك مديرا لديوان وزير المياه في اول حكومة موريتانية في سينلوي

من قصص كرمه ونخوته قصة طلاب موريتانيا في روسيا عندما تأخرت منحهم وتوجهوا إليه بمعاناتهم بوصفه سفيرا آنذاك في الإتحاد السوفيتي، وعندما ذكر له المتحدث باسمهم معاناتهم في عدم الحصول على الطعام تأثر من ذلك وذهب بهم إلى منزله وقال كلمته المشهورة لحرمه خديجة منت الشيخ الغزواني التي كانت سندا له في كل حياته المهنية المعروفة بالذكاء و لم الشمل
: أيعقل هذا يا بنت الأكارم ؟ أبناء وطننا لا يجدون ما يسدون به رمقهم ونحن نأكل ونشرب وننام، فكان منزله العامر سكنا لهم طيلة مأموريته هناك وقد نالت هذه القصة إعجاب الموريتانيين وظلت متداولة حتى اليوم في سياق الكرم والنخوة والمروءة...
وفيما يلي ترتيب كرونولوجي لمساره الوظيفي والسياسي:

1957: مدير ديوان وزير المياه والمالية في حكومة اندر

1959: أول حاكم لمقاطعة چيگني

1961: أمين عام وزارة الخارجية

1963: سفيرا لموريتانيا لدى السنغال
وقد قدم أوراق اعتماده للرئيس السنغالي سينكور في ٤ من اكتوبر ١٩٦٣ خلفا للسفير محمد الأمين با ودامت فترته عاما واحدا في السنغال ليخلفه السفير بكار ولد أحمدو رحمه الله

1965: سفيرا في ساحل العاج

1966: عمدة روصو "في تلك الفترة العمد بمثابة ولاة"

1967: أمين عام وزارة التعليم والتوجيه الإسلامي

1968: حاكما لأطار

1969: حاكما لبتلميت

1972: حاكما للمذرذرة

1973: حاكما لاركيز

1974: حاكما لكيهيدي

1974: واليا لاترارزه

1975: واليا لانواذيب

1976: واليا لإينشيري

1978:أمينا عاما لوزارة العدل

1979: أمينا عاما لوزارة الداخلية

1980: واليا لتگانت

1981: سفيرا لدى الاتحاد السوفييتي

1987: أول عمدة لبلدية چيگني

بعد استفادته من حقه في التقاعد كان المرحوم ضمن الوجوه البارزة في مشهد السياسة في مقاطعة جكني، فتم اختياره أول عمدة في نهاية الثمانينات لبلدية جكني قبل إقرار دستور 1991
وبعد إقرار الديمقراطية تم اختياره عمدة لبلدية جكني على دورتين الأولى 2001 والثانية 2006

وظل لفترة طويلة عميدا ورئيسا شرفيا لرابطة عمد الحوض الشرقي
2014: قرر اعتزال العمل الإداري والسياسس وشرع في فتح صفحة التآخي بين الناس،

توفي المرحوم محمد غالي في مثل هذا اليوم من العام الماضي 11-مارس-2023 تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
المصادر:
- مقابلة شخصية مع صنو صاحب الترجمة السيد إدوم ولد عبدي ولد أجيد الأمين العام لوزارةالبيئة في مكتبه ظهر الثلاثاء 5 مارس الجاري
- مقدمة كتاب بغية المعالي في حياة محمدغالي / تأليف رئيس زاوية الب ولد عبدي: سيد محمد ولد ألبُ
- تأبين للمرحوم كتبه الوزير حمود ولد عبدي
- حساب الأستاذ الموثق جمال ولد أحمدو

مع تحيات محمدن ولد عبدالله المدير الناشر لشبكة رياح الجنوب