
أيها الشعب الموريتاني، لقد بات من المسلم به على الصعيدين المحلي والدولي أن موريتانيا تمر بمفترق طرق ينذر بالخطورة البالغة وهو ما يستدعي جهود كل الأبناء المخلصين لهذا الوطن والغيورين عليه للوقوف في وجه التحديات التي غدت تهدد كيان البلد وتعد بالأسوأ على كافة
الأصعدة، فعلى المستوى الاقتصادي, وعلى الرغم من الثروات الهائلة للبلاد، فإن التقارير الدولية مجمعة على أن نسبة الفقر تجاوزت حد 79% وأن نسبة الأمية في البلد هي الأعلى في الوطن العربي.
و من حيث التنافس الاقتصادي، فإن موريتانيا تعتبر الأسوأ اقتصاديا حسب نفس التقارير، وفيما يتعلق بالشفافية في التسيير، فحكومتنا هي الأقل شفافية وهو ما حدا بمنظمة الشفافية العالمية إلى طردها من المنظمة المذكورة ولو بصفة مؤقتة.
أما عن مسألة إنجازات البني التحتية، التي ما فتئ النظام يتبجح بها كل ما سنحت له الفرصة لذلك، فإن كل التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المتخخصة تضع موريتانيا في أسفل القائمة
و بإعتبار هذا الوضع المزري، يحق للمواطن الموريتاني أن يتساءل عن مصير خيراته وثرواته إلى أين اتجهت وفيما أنفقت؟
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتساءل عن العوائد المالية للصفقة الموريتانية مع شركة "هونك دونك" الصينية التي مكنها النظام من الاصطياد في المياه الموريتانية لمدة 25 سنة، مع إعفاءها من الضرائب وحمايتها من المساءلة القانونية؟.
كما نتساءل أيضا عن الحساب المصرفي الذي وجهت إليه المبالغ الناتجة عن تلك الصفقة المشبوهة ما دامت الخزينة العامة لم تتلق أي مبلغ منها.؟
كما نستغرب عزوف المسئولين السامين عن إعطاء توضيحات حول صفقة، تشك بعض المنظمات الدولية في شبهتها، تماما كما كان حالها ولا يزال موضوع جدل على الصعيد الوطني.
و لعل هذه الحالة تقودنا للاستيضاح حول عوائد منجم تازيازت للذهب ولماذا الصمت الحكومي في وجه الاتهامات بالرشوة وصلة رأس النظام بهذه الشركة التي يمثلها ولده في كندا ويشرف عليها محليا أحد أقاربه مع الامتيازات التي يحظى السماسرة التابعين لجهات نافذة في الدولة كما ورد في الجريدة الفرنسيةLe Monde Afrique نقلا عن الأجهزة الأمنية الأمريكية لمراقبة تبييض الأموال وحماية التداول في البورصة الأمريكية.؟
ثم ما هو المستقبل الذي ينتظر شركة الصناعة والمناجم "أسنيم"، ذلك الرمز السيادي ذو المساهمة في تأسيس الدولة الموريتانية وبناء أول اقتصاد لها، لما ذا تم تبديد احتياطها المالي واستثماره في مجالات لا تمت بصلة لاختصاصها، وذلك من خلال بناء فنادق ومستشفيات وتأسيس شركة تأمين بشراكة بعض عناصر حاشية الرئيس ثم العودة بعد ذلك لإعادة بيع ما تم الاستثمار فيه كي يتحول من ملك للشركة إلى ملك خاص في نهاية المطاف. فهل تكون الممتلكات العامة الأخرى في مأمن أكثر من ممتلكات شركة "أسنيم".؟
فالجواب متوفر في ساحات البيع بالمزاد العلني الذي شمل أجزاء من قصر المؤتمرات، الملعب الأولمبي، المدرسة الوطنية للشرطة، المدارس العريقة في العاصمة والتي تم تحويلها إلى دكاكين تجارية لصالح خصوصيين، فإلى متى؟ وما ذا تبقى؟ وأين الشعب الموريتاني؟
أسئلة لا زالت تتردد على ألسنة كل المواطنين والمراقبين والمهتمين بالشأن الموريتاني وأيا كانت الأجوبة فإن الواقع يحدث عن نفسه، إذ أن الظروف الاجتماعية للمواطن وإقصائه في كل ما يتعلق بتسيير الشأن العام، سواء من حيث الدور أو التمثيل، وطبيعة الضبابية المحيطة بالتسيير، كل ذلك خلف وضعا لا يمكن إلا أن ينتج مسارا غير مألوف في طبيعة الشعب الموريتاني المسالم أصلا، ولعل ما يحدث من انقسامات عرقية وفئوية وعودة البنية الموريتانية إلى فضاء القبيلة العصبية، كل ذلك دليل على ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع.
ومن هذا المنطلق، فإن دور الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني والزعامات الدينية ينبغي أن يرتكز أساسا على تأمين الشعب الموريتاني من مخاطر الانجراف والانزلاق نحو اللاَّ أمن، الذي يمثل السلاح الأول والأوحد للنظام القائم، جراء جرائمه المتعددة. وعليه فإن التلويح بما أسموه "الحوار الوطني " غير وارد في هذه المرحلة ويستوجب طرح أكثر من سؤال، حول ما ذا ينبغي أن نتحاور عليه؟ أيقبل النظام القائم باسترجاع الأموال العامة المنهوبة؟ أم مراجعة الصفقات المشبوهة؟ أم الاستقالة الحقيقية وإرساء نظام رقابي، حيادي لتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها؟ أي شيء من ذلك لن يحدث وبالتالي يكون قبول المعارضة بمنتداها ومعاهدتها ووفاقها مجرد تواطآ مع النظام "كما العادة في السابق" ضد مصالح الوطن والمواطن وإعطاء النظام نفسا جديدا لمواصلته الاحتكار والتسلط.
وتأسيسا على ما تقدم، فإن زحب العمل والوحدة الوطنية يدعو كافة المواطنين المخلصين لهذا البلد إلى ما يلي:
- الوقوف في وجه هذه التحديات والحيلولة دون انجراف الوطن إلى الفوضى والدمار وذلك من خلال العمل المشترك بين مختلف مكونات الشعب وتوجهاته السياسية لاستئصال الأسباب الكامنة وراء خلق هذا الواقع المأساوي.
- المطالبة بإطلاق سراح الحقوقيين المسجونين ظلما وعلى رأسهم برام ولد الداه ولد اعبيد ومعاونيه ورفاقه.
- دعوة جميع الأحزاب السياسية المعارضة وفئات الشعب الموريتانية إلى رفض المشاركة في الحوار مع النظام الحالي والمطالبة باستقالته واسترجاع المال العام المنهوب ومراجعة تسيير النظام الذي أوصل الدولة إلى حافة الانهيار.
وإنا معكم سائرون من أجل التغيير نحو الأفضل
والله ولي التوفيق
05-11-2015
المكتب التنفيذي