
رغم كثرة النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المؤكدة على أن الإسلام ماجاء إلا لنشر المحبة والتعاون والسلام والتماسك والتكاتف المحقق للحياة الحرة الكريمة لجميع بني البشر، فاجأني، قبل أيام، بعد وفاة المفكر المناضل محمد يحظيه ولد ابريد الليل رحمه الله بعض السياسيين المفوهين المثقفين بدل الترحم عليه مهاجمته بالسب والشتم ، وقد احتدم النقاش بين مؤيدي ذلك السلوك النبيل الترحم الإنساني السامي الذي هو أكثر ما يحتاج إليه البشر، والذي لو رفع من القلوب لتحولت حياة الناس إلى شقاء، ولتحولت أيام الكثيرين إلى ضنك وسواد وبلاء، وبين معارضيه الذين يجهدون أنفسهم، ويتعبون معها "النت" في ليّ أعناق كلمات اللغه العربيه، لإبتداع مصطلحات لتبرير طرحهم الخبيث الذي أصبح معروفا لدي جميع الموريتانيين بل ويصفونهم بأتباع النهج (الحربائي)- وهم يعلمون علم اليقين أن ذلك لا يغير من معتقدات المترحِّم في شيء، لأن الترحم ليس من العقائد ولا من العبادات، وإنما هو من المعاملات الاجتماعية والمجاملات الأخلاقية والإنسانية الراقية التي تكرس المحبة والتعاون والتراحم والتكافل والتآزر الضروري لاستمرار العشرة بين البشر لاعمار الأرض التي أستخلفهم الله فيها، وأتمنهم على سلامة مستوطنيها أما هاؤلاء فقد عودونا علي الخطابات الشعبويه الديماغوجيه لتي تتسم ببث التفرقة والعنصريه المؤدية للعداوة والبغضاء والتناحر والتطاحن.
فكم كانت دهشتي عظيمة واستغرابي أعظم أمام إصرار السياسيين - الذين لاشك أن غالبيتهم في جهل تام لروح الدين الإسلامي الحنيف الذي هم فيه يفتون- على الترويج لمثل ذاك الخطاب النشاز،الذي يدمر ولا يعمر، ويهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، ويفرق ولا يوفق، ويزيف حقائق الدين الإسلامي الحنيف، ويبث فيها الشبهات، ويقلب وقائعها بحسب أهواء وأمزجة وأهداف الإسلامويين المهووسين بــ "نحن وهم" - التي هي في واقع حالها قمة العدائيات العنصرية والثقافية والسياسية والدينية- وأخطر معول لهدم الإسلام الأصيل والتدين الصحيح الذي لا يكتمل إلاَّ بإندماج الرَّباني في الإنساني والعكس. والذي نلمسه اليوم أكثر من أي وقت مضى.
ألم تستحضرو يا دعاة الكراهية وتوظيف الدين لنشر العداوة والبغضاء بين المواطنين لأغراض سياسوية ، قوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " والتي لا شك أن الترحم داخل في حسن المعاملة والبر الذي هو من أعظم وسائل الدعوة إلى الله لم ينهانا سبحانه عنها، واستذكروا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه والذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك صدقة "، الذي يعزز سلوك الترحم على موتى إخوة لنا في الوطن والإنسانية..
اللهم ارحم المفكر المناضل الكبير محمد يحظيه ولد ابريد لليل واغفر له واعفو عنه وعافيه وادخله فسيح جناتك يارحم الراحمين
د.محمدعالي الهاشمي