هل انتهى زمن "إفلات" الرئيس السوداني من قبضة الجنائية الدولية؟

اثنين, 06/15/2015 - 00:26

الحقيقة (نواكشوط) لا يكف الرئيس السوداني عمر البشير عن تحدي المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي توقيف بحقه للاشتباه بارتكابه جرائم حرب وإبادة في دارفور، وقد منع الأحد مؤقتا من مغادرة جنوب أفريقيا، في محاولة من منظمة غير حكومية لدفع سلطات بريتوريا لاعتقاله وتسليمه إلى القضاء الدولي.

انتخب عمر البشير (71 عاما) الذي يحكم السودان منذ 25 عاما، لولاية رئاسية خامسة في نيسان/أبريل الماضي بعد أن حصل على 94 بالمئة من أصوات الناخبين في عملية اقتراع قاطعتها المعارضة.

ويتحدى الرئيس السوداني، العسكري ذو "الخلفيات الإسلامية" والذي تولى الحكم إثر انقلاب في العام 1989، المحكمة الجنائية الدولية منذ العام 2009 حين أصدرت أول مذكرة توقيف بحقه لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في غرب السودان التي تشهد نزاعا دمويا منذ العام 2003. وفي العام 2010، أصدرت المحكمة مذكرة ثانية بحق البشير تتهمه فيها بارتكاب إبادة.

رحلات للخارج بالرغم من مذكرتي اعتقال!

ومنذ صدور المذكرتين، حدّ البشير من رحلاته إلى الخارج مفضلا زيارة دول لم توقع على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية. إلا أنه زار أربع دول على الأقل موقعة على وثيقة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، ومن بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا ومالاوي وجيبوتي.

وقبل إعادة انتخابه زار البشير كل من السعودية ومصر غير الموقعتين على ميثاق المحكمة الجنائية.

وفي نهاية العام 2014، دانت المدعية العام في المحكمة الجنائية عدم تعاون الأمم المتحدة وأعلنت تعليق التحقيقات حول اتهامات ارتكاب جرائم حرب في دارفور. وانتقدت مجلس الأمن الدولي بسبب عدم اهتمامه بالقضية المرتبطة بنزاع أسفر وفق الأمم المتحدة عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد مليونين آخرين.

والفضل في تمكن البشير من البقاء طويلا في السلطة يعود إلى علاقاته القوية مع الجيش.

عائلة البشير

والبشير متزوج من امرأتين وليس لديه أولاد، وقد ولد في العام 1944 لعائلة تعمل في الزراعة في قرية حوش بنقاء التي تبعد 150 كلم شمال الخرطوم.

وفي 30 حزيران/يونيو 1989، قاد البشير انقلابا عسكريا ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيا برئاسة الصادق المهدي. ودعمته وقتها "الجبهة الإسلامية القومية" بقيادة حسن الترابي، الذي أصبح اليوم من أكبر معارضيه.

وتحت تأثير الترابي، قاد البشير السودان، المقسم بين شمال بغالبيته المسلمة وجنوب بغالبية مسيحية، نحو حكم إسلامي أكثر تشددا.

علاقته بأسامة بن لادن!

واستضاف البشير في التسعينات زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن الذي طرده لاحقا بطلب من الولايات المتحدة. وردا على اتهامات عدة من بينها انتهاك حقوق الإنسان، فرضت واشنطن حصارا تجاريا على السودان في العام 1997.

ووصلت التوترات بين البشير والترابي إلى أقصاها في أواخر التسعينات، إذ أنه وفي محاولة منه لإخراج السودان من عزلته، عمد في العام 1999 إلى الإطاحة بالترابي من دائرته المقربة.

وفي العام 2005 وقع اتفاق السلام مع متمردي الجنوب الذي أنهى عقدين من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب وفتح الطريق أمام استفتاء انتهى في العام 2011 بحصول جنوب السودان، حيث تتركز الحقول النفطية، على الاستقلال.

وبالرغم من اتهامات المحكمة الجنائية الدولية له، عزز البشير حكمه إذ منحه البرلمان صلاحيات واسعة.

ومنذ العام 2011، واجه البشير حركة تمرد بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان - شمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وفي السنوات الأخيرة، وجد البشير نفسه أمام تحديات أخرى. وقد تعرض الاقتصاد السوداني لنكسة قوية بعد الانقسام عن الجنوب إذ خسر حوالي 75 بالمئة من احتياطاته النفطية.

وعود متأخرة؟

وفي الثاني من حزيران/يونيو خلال أداء اليمين الدستوري تعهد البشير بـ"فتح صفحة جديدة" لبلاده مؤكدا انفتاحه على الحوار مع الغرب.

وفي محاولة منه للانفتاح على الخارج، انضم البشير في ربيع العام 2015 إلى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن.

وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية الأحد، أنها ذكرت جنوب أفريقيا في 28 أيار/مايو بواجبها القانوني، بصفتها عضوا في المحكمة، لتوقيف البشير خلال مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبورغ. بعد ذلك، أصدرت محكمة في جنوب أفريقيا، تقدمت أمامها منظمة غير حكومية بدعوى قضائية، قرارا بمنع البشير موقنا من مغادرة البلاد طالما القضاء لم يبت في طلب المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله.

فرانس24/ أ ف ب