د.محمدعالي الهاشمي. يكتب /؟العوائق امام المشاركه السياسيه للشاب

اثنين, 12/26/2022 - 12:47

إن مشاركة الشباب في الحياة السياسية هي أولوية وطنية ملحة ومسؤولية مشتركة بين الأحزاب السياسية والدولة والمجتمع المدني، كونهم يمثلون أكثر من نصف المجتمع، وكذلك توفرهم على وعي يؤهلهم لفهم مختلف المستجدات السياسية، فضلا عن ذلك هم أقدر على التأثير في صناعة القرار السياسي، باعتبارهم فاعلين محوريين في الوصل بين السياسية والمجتمع، كما أن شريحة الشباب تشكل الفئة المتحررة –نسبيا- من القيود الإجتماعية المفروضة، مما يؤهلها لتكون أكثر دينامية في الحياة السياسية.

إن قضية “تشبيب” السياسه من طرف فخامة رئيس الجمهوريه هي قضية مطروحة منذ الإستقلال، لأننا نلاحظ دائما هيمنة الشيوخ الذين يتراوح سنهم ما بين الستينات والسبعينيات والثمانينات على المناصب السياسية في مراكز القرار، وأيضا داخل قيادات الأحزاب السياسية. وبالتالي أصبحت مشاركة الشباب في الحياة السياسية معدومه رغم أن الشباب في موريتانيا ما بين 15 و40 سنة- يمثلون أزيد من 64% ، وهذه المشاركة الضعيفة هي بفعل العامل التاريخي المتمثل في وجود إقصاء و منع ممنهج لعدم خوض غمار اللعبة السياسية، وصراع الشيوخ

وليس كل من ينضم من الشباب للحياة السياسية لديه وعي سياسي، قد يكون انضمامه فقط من أجل البحث عن علاقات يجد من خلالها وظيفة أو من أجل مقابل مادي،
في حين أن البعض منهم يرى ان السياسة لعبة تافهة ولا يمارسها الا المنافقين
وبعيدا عن هذه الفئة.. هنالك فئة شبابية أخرى.. و التي رغم حبها للسياسة إلى أنها تجد بينها وبين الولوج إلى تلك الأخيرة صعوبات وتحديات، منها ما هو اجتماعي متعلق بالحياة العامة والإستقرار الأسري والمعيشي، وآخر سياسي متعلق بالدرجة الاولى بالفاعلين السياسيين(الشيوخ) وهيمنتهم على المشهد السياسي .

علينا ان نعي سبب عزوف الشباب عن السياسة وهو ما يمكننا تلخيصه في سببين رئيسيين: الاول، البطالة و البحث عن لقمة العيش و توفير اساسيات الحياة و الاستقرار، قبل التفكير في العمل السياسي، و الثاني يتجلى في فقدان الثقة في القاده السياسيين اللذين مارسو العمل السياسي لفترة طويلة دون اية نتيجة تذكر مما جعل اغلبية الشباب اليوم ليست لديهم اي توجهات سياسيه.

وافضل السبل للحصول على معادلة متساوية هو الاحتكاك بين فئة الشيوخ و فئة الشباب ليُمَكِّن هذه الأخيرة من آليات المشاركة السياسية، كما سيبعث روحا جديدة بالشأن السياسي.
كذلك يجب منح الشباب حق الترشح من داخل اللائحة المحلية، اي المقاطعات المهيمن عليها من طرف الشيوخ وهذا يعتبر تحقير لكفاءة الشباب اللذي يمثل 64% من السكان.

صحيح اننا اليوم امام شباب اقدر على خوض الانتخابات اكثر من اي وقت مضى، شباب حيوي يمتلك وعيا سياسيا حادا و قادر على اكتساب حلول جديدة و الاتيان بخطط ناجعة و استراتجيات فاعلة، و ذلك بفضل الثورات التكنولوجية و تطوراتها المتسارعة، خاصة في مجال الاتصال و التواصل.

الا ان الكابوس الذي لايزال يراود الشباب هو رجال السياسة (الشيوخ)الذين يملكون زمام الأجهزة التقريرية و يتحكمون في تحديد الاختيارات و التوجهات، زد على ذلك سيادة الزبونية و المحسوبية داخل الاحزاب و غياب الديمقراطية الداخلية، و هو ما يشكل عائقا في وجه تجديد النخب والطبقه السياسه القادره على تحمل المسؤوليه

تُعتبر عملية توسيع قاعدة المشاركة السياسيه للشباب تعزيزاً لمبادئ المواطنة والانتماء والانحياز للمصلحة العامة، وتعميقاً لمكانة وريادة الشباب في المجتمع ومؤسساته. وفي ظل تحقق ذلك فإن النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة والمستدامة ستسري في عصب المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وصولاً إلى مجتمع موارده مُستغلة، وأهدافه مضمونة، ومكانته مُصانة ومُهابة.
و المشاركة السياسية للشباب ذات شأن عام، لا يمكن للفرد أن يكون مؤثراً، أو مشاركاً، أو فاعلاً فيها ما لم يُعترف بدوره في الحياة العامة، وبحقه في ممارسة هذا الدور دون قيود ذات طابع تمييزي. فالمشاركة الفاعلة للشباب تشمل الاعتراف بمكامن القوة لديهم، واهتماماتهم وقدراتهم، والعمل على تطويرها من خلال توفير فرص حقيقية لهم حتى يشاركوا في اتخاذ القرارات التي تمسهم على صعيد الأفراد والمجتمعات والمؤسسات

د.محمدعالي الهاشمي