"أثمن خطاب الرئيس الأخير؛ وأعتبره إعفاء لإدارة معادن من مهامها" بقلم احمد جدو ولد محمد عمو

أربعاء, 03/30/2022 - 16:07

الحقيقة / نواكشوط / لقد شكل خطاب رئيس الجمهورية أمام جاليتنا في إسبانيا وخطابه الأخير أمام خريحي المدرسة الوطنية للإدارة والقضاء والصحافة؛ عنوانا لمرحلة جديدة من المكاشفة والمصارحة ووضع النقاط على الحروف، في تحديد الجهات المسؤولة عن الإختلالات العميقة في التسيير الإداري، الشيء الذي أدى إلى ابتعاد الإدارة عن الغايات التي أنشئت من أجلها.

نعم إننا بلد يعيش جل سكانه تحت خط فقر مدقع؛ ليس من قلة في الموارد وإنما لسوء التسيير وغياب الإدارة ودورها الطلائعي الذي يجب أن تلعبه؛ كأداة للعمل الحكومي الجاد، وهذا ما حدى بالرئيس إلى جعل المسؤولين عن كافة الإدارات الوطنية والإقليمية أمام خيارين لا سبيل إلى الفكاك من أحدهما؛ إظهار القدرة على أداء المهام والقيام بالأدوار المنوطة بهم؛ في تقريب الإدارة من المواطن؛ وجعله في ظروف ملائمة تمنحه الكرامة وتحل مشاكله العالقة؛ أو عدم قدرتهم في تحقيق ذلك فليتركوا أماكنهم لغيرهم ممن لهم مؤهلات للقيام بتلك الأدوار.

جاءت تلك الرسالة في وقتها المناسب وأثناء احتفاء الرئيس بضخ دماء جديدة - لأكبر دفعة تتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة - في جسم المؤسسات العمومية؛ ضاربا بذلك عصفورين بحجر واحد مظهرا الواقع المر الذي يعيشه التسيير العمومي، وكان ذلك على وجه التقريع للساسة الحضور المعنيين بالأمر، ومحذرا الطلبة الخرجين أصحاب الأدوار غدا أن شمروا عن سواعد الجد ولا تتأسوا بمن قبلكم في الإدارة فأنتم المعول عليكم في إصلاح الإختلالات التي تعصف بمختلف إدارات الدولة.

وفي خضم تصريحات الرئيس الإصلاحية هذه لا يسعني إلا أن أثمن عاليا هذا الوعي والإحساس لدى رئيس الجمهورية بواقع البلاد والمشاكل والهموم التي يعيشها المواطن الموريتاني.

وأعلم علم اليقين أن الرئيس لم يسعفه الوقت وإلا تعرض لمشاكل المنقبين التي طرقت مسامعه في مركز الشيخ محمد المامي للتعدين. في يوم صراخ المنقبين ومنعهم من توصيل خطابهم لرئيس الجمهورية؛ ولعل ذلك نمط من تقريب الإدارة لدى "معادن".!

وكأن الرئيس بخطابه الأخير هذا يريد أن يقول للمواطنين لقد اتبعت أسلوب اللامركزية في التنظيم الإداري ومنحت الصلاحيات كاملة لكافة القطاعات الوزارية والحكومية منذو أن توليت السلطة؛ واليوم لما أحسست بأن القصور في الأداء الحكومي هو الحاصل جمعتهم في جلسة واحدة وأعطيتهم نماذج حية _ ليس إلا_ من تقصير الإدارات، حتى يعوا حجم مسؤولياتهم ...
والحقيقة أنني أعبر على لسان الرئيس أن التقصير في حل مشاكل المواطنين في مجالات الكهرباء والماء والنزاعات العقارية ..
تنضاف إليهم معضلات المنقبين الأهليين ومآسيهم مع شركة معادن؛ التي أنشأها رئيس الجمهورية خدمة للمنقب الأهلي بموجب المرسوم رقم 065 - 2020 الصادر بتاريخ 05 مايو 2020.
والذي جاء في مادته الأولى من الباب الأول:
أن إنشاء "معادن" هو لتأطير المناجم التقليدية وشبه الصناعية.
وفي مادته الثانية :
أن أهداف معادن:
(ا) التأطير والمساعدة فنيا للمستغلين التقليديين وشبه الصناعيين.
(ب) السهر على تطبيق إجراءات السلامة المتعلقة بنشاطات الاستغلال المعدني
(ج) العمل والمساهمة في حماية البيئة.
كما تنص نفس المادة على "المهام " التي من بينها:
(ا) التأطير الفني لأنشطة لاستغلال التقليدي للذهب.
(ب) القضاء على استخدام الزئبق والمواد الكيميائية في معالجة المعدن الخام....
(ج) نشر الوعي بالممارسات الجيدة والتكوين لصالح المستغلين التقليديين
وشبه الصناعيين..
(د) البحث عن مصادر التمويل لصالح المعدنيين التقليديين.

كل هذه الأهداف والمهام التي تخدم المنقب الأهلي وترفع من قيمة نشاطه ومردوديته الاقتصادية، لم ترى طريقها إلى التطبيق
فأصبحت "معادن" أداة لتصفية الأنشطة المرتبطة بالاستغلال التقليدي للذهب( التعدين الأهلي)؛ بدءا بإغلاق العديد من مقالع الحجارة (التماية_تفرغ زينة_، مجهر 12 بالشكات.. اصبيبيرات). وتهديد البعض منها( تيجيريت، آحميم...).
مرورا بفرض الإتاوات وانعدام الخدمات الصحية وانتهاء بالإقصاء من مسودة القانون المنسوب إليها؛ والتي لم تشر فيه إلى المنقب الأهلي التي أنشئت في الأساس من أجله.

ولهذه الأساب كلها ولعدم تجاوب الإدارة مع المنقبين ونقاباتهم وتقزيمها لدورهم واستخفافها بآلاف المنقبين من أبناء موريتانيا بكل ولاياتها وكل أعراقها أحيط الرئيس علما أن إدراة معادن لم تؤدي الدور الذي أنشأتها من أجله.
ولم تحقق أيا من تلك المهام التي أنيطت بها فلا الإستغلال التقليدي للذهب تم تأطير نشاطه فنيا؛ ولا روعيت فيه إجراءات السلامة؛ ولم تتم المحافظة على البيئة فشركات الفئة (و) تعطي الخبر اليقين في عدم الاكتراث بتلك الجوانب.!!
أما الزئبق الذي كان من مهام الشركة القضاء عليه فلا يستعمل في معالجة معدن الخام غيره، وإلى يوم الناس هذا..
أما التكوين والبحث عن مصادر التمويل لصالح المنقب الأهلي فالأول لم يحصلوا منه إلا على تمثيلية ساخرة (تتهكم على المنقب وذويه) قدمها ممثل مدفوع الثمن على إحدى شاشات التلفزيون.
أما عن تقديم الدعم المادي عبر التمويلات فهذا أمر لا يخطر ببال أحد من المنقبين؛ بقدرما يريدون الإحجام عن طردهم في كل مرة من مقالعهم.
فالعافية أحب إليهم!!

ولذا أرى أن خيار الرئيس الذي منحه في خطابه الأخير لمن هو عاجز عن أداء مهامه ينطبق على إدارة "معادن"، التي يجب أن تزاح عن كاهل المنقب؛ إذ هو الخيار الوحيد الصائب والذي لا مناص منه، وقد تكون تلك الإدارة أكثر براعة في خدمة مؤسسات أخرى لا تتعلق بالتعدين الأهلي، فربما الإعلام أو غيره....

كما ننتظر من الرئيس شخصيا عبر هذه الرسالة أن يلبي مطالب المنقبين في أسرع وقت وعلى رأسهم فتح "منطقة التماية(تفرغ زينة) ومجهر 12 في الشكات...