الحقيقة تنشر مقابلة جديد مع الوزير السابق المدير بن بونه

خميس, 09/23/2021 - 10:47

الحقيقة / نواكشوط/ في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منه إلى إطلاع المتابعين الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد أبرز السياسيين، ممن خبروا دروب السياسة والعمل الحكومي في لقاء شامل يتناول بعض القضايا المتعلقة بالشأن الموريتاني

فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم الوزير السابق المدير بن بونه.

موقع الفكر: ما تقويمكم لسنتين من حكم الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني؟

المدير بن بونه: أعتقد أن هاتين السنتين تحقق فيهما الكثير من الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، انطلاقا من برنامج فخامة الرئيس لأنه خلق مناخا سياسيا هادئا تعاطى فيه بإيجابية مع جميع الفاعلين السياسيين والتهدئة السياسية والتعاطي الإيجابي ونوع من تطبيع الحياة السياسية وهذه مسألة مهمة جدا، وعلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي لا يمكن تقويم هاتين السنتين بدون أخذ الأوضاع العالمية في الحسبان لأن جائحة كورونا اجتاحت العالم وأثرت على مختلف مناحي الحياة ونعتبر أننا نجحنا في تسييرها من خلال الإجراءات التي أعلنها فخامة الرئيس واتخذت مجموعة من الإجراءات الاجتماعية تتعلق بزيادة التعويضات والاهتمام بالفقراء والضعفاء والتدخلات التي قامت بها الدولة عن طريق مختلف المؤسسات للتخفيف من وطأة جائحة كوفيد ونعتبر ذلك من إنجازات وتدخلات الدولة للحد من التضخم و ارتفاع الأسعار، ونعتبر أنه بذلت مجهودات كبيرة في التعليم والصحة ، فالمنظومة الصحية لم تكن قادرة على مواجهة الجائحة لولا التدخل ومحاولة تطويرها كي تصمد في وجه الجائحة وخلق بنى تحتية للتفاعل الإيجابي ونعتبر بشكل عام أننا حققنا الكثير خصوصا إذا أخذنا العوامل والإكراهات في الاعتبار، وهناك آفاق واعدة للتنمية والتطور وتأسيس اقتصاد يمكن أن يساهم في تطوير الحياة العامة للمواطنين ومن أهم القرارات الأخيرة التدخل الذي أعلنه فخامة الرئيس - فنشكره عليه كما شكره مختلف الموريتانيين - بخصوص استحداث آلية للتحكم في الأسعار والحد من التضخم والمضاربة داخل الأسواق، فمن المهم الاهتمام بالناس الضعيفة وهو ما يفرض على الدولة التدخل للحد من وطأة الأسعار نظرا لموجة ارتفاعها عالميا، وأعتقد أن البلد وضع على سكة حقيقية ووضعه جيد وهنالك آفاق واعدة لحل المشاكل العالقة.

وفخامة الرئيس أعلن أن التشاور مفتوح بدون حواجز أو محرمات وكل المشاكل ينبغي أن تطرح.

موقع الفكر: البعض يتحدث عن ضعف التغطية الإعلامية للإنجازات الحكومية ما رأيكم؟

المدير بن بونه: لا أوافق على ذلك، ولكل تقويمه وأنا أرى أن هذه الإنجازات حاضرة سياسيا وإعلاميا وأذكر أن آخر زيارة قام فخامة الرئيس إلى ولاية اترارزه من حيث حجم الاستقبالات والحشود في جميع المحطات تعطي صورة أن شعبنا متفاعل إيجابا مع هذه الإنجازات وعملية التقويم تختلف في وسائط الإعلام لأن هنالك الإعلام الجديد ولديها أساليبها في التقويم وأعتقد أن الإعلام حاضر وكذلك الحزب الحاكم كان حاضرا وظهر ذلك في الزيارة الأخيرة التي قام بها فخامة الرئيس لولاية اترارزه، وحجم الاستقبالات التي شهدها "جدر المحكن" في حفل توزيع الأراضي على السكان في مشروع الشيشية ومدينة روصو ومدينة كرمسين.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الإعلام في البلد؟

المدير بن بونه: الإعلام لديه مستوى كبير من الحرية وهنالك مجهودات كبيرة تبذل لتطويره وفي الفترة الأخيرة رأينا أن وزارة الثقافة والسلطة العليا للسمعيات البصرية يبذلان جهودا كبيرة لتطوير الإعلام وتمهينه ولكن من أجل تطويره لا بد من مشاركة وضبط ذاتي من الإعلاميين أنفسهم من خلال تكوينهم وتوفير الوسائل الضرورية لكي يلعبوا دورا مهما لأن الإعلام سلطة مهمة ونحن نشهد طفرة في الإعلام الجديد والمنصات التي تبث بشكل مباشر في الفيسبوك واليوتيب والمواقع الألكترونية وإذا مُهٍنَ فسيكون دوره إيجابيا في الحياة.

موقع الفكر: ما رأيكم في القانون الذي ينظم عمل المنصات الإلكترونية الذي طرح مؤخرا؟

المدير بن بونه: لم أطلع عليه ولكن أعلم أن كل شيء يحتاج إلى تقنين لأننا نطمح لمأسسة الحياة العامة وأن يكون كل شيء يخضع للقانون وهذا القانون ما زال مشروعا ولم يناقش وأعتقد أنه في جميع الدول كل شيء يقنن بشكل يحترم الحريات والمبادئ العامة للبلد وليس الهدف من التقنين تقييد الحريات بل العكس فالهدف تعزيزها وخلق إطار حقيقي لهذه الحريات كي تعزز وتلعب دورها بشكل إيجابي.

موقع الفكر: بعض المتابعين يتحدث أن الدولة لديها منصات إعلامية بها كثير من الأفراد ومع ذلك ما زالت متأخرة عن منصات يعمل فيها أفراد قليلون.

المدير بن بونه: طال عهدي بهذه المنصات ولكن أعلم أن فيها كفاءات كثيرة، والصحفيين والمخرجين الجيدين والفنيين ويلعبون دورا كبيرا فهم المصدر الرئيس للخبر في البلد وأنا أعتقد أنهم على السكة الصحيحة ويقومون بدور جيد.

موقع الفكر: ماذا عن مشكلة المياه في ولاية آدرار؟

المدير بن بونه: المشاكل موجودة، وقد أدى وزير المياه زيارة لهذه الولاية وهنالك دراسات متقدمة والحلول نوعان حلول تكتيكية وحلول استراتيجية فهناك حلول معنية بسقاية الناس عبر استجلاب مضخات وهنالك حلول استراتيجية يعكف عليها خبراء في الوزارة كما أن هنالك عمليات تنقيب وبحث مستمرة، وهل توجد المياه أصلا أم لا توجد فهذا السؤال مطروح، فالماء عصب الحياة وأساس كل شيء ولا بد من توفيره وأنا متفائل بشأنه وأعتقد أننا في السنة القادمة سيكون لنا إنجازات في هذا المجال، وعلى المستوى الريفي نبذل جهودا كبيرة على مستوى الوسط الريفي من إصلاح المضخات، فنحن نقوم بأربعين وستين إلى مائة تدخل يوميا في جميع أنحاء الوطن، ولأن الوسط الريفي يقطنه الكثير من الناس وهم متباعدون وعمليات الصيانة فيه تقتضي بذل الكثير من الإمكانات البشرية والمادية، وستلاحظون خفة المطالبات لأننا حريصون على التدخل في الوقت المناسب والسرعة المطلوبة وهذه هي إرادة السلطات كما أن هناك الكثير من البحوث والإجراءات المقام بها لحل مشكل المياه على المستوى الوطني.

موقع الفكر: هل يمثل سحب المياه من النهر حلا استراتيجيا؟

المدير بن بونه: كل الاحتمالات مطروحة وأنجع الحلول هو ما سيعتمد.

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لواقع التعليم؟

المدير بن بونه: يتفق الجميع على أننا فشلنا في السنوات الماضية في التعليم، وفشله يرجع إلى كثير من العوامل، وقد رأيت التقويم الذي أنجز وأكد فخامة الرئيس في أكثر من مرة وأظن أن هناك إرادة لإصلاحه وقد قلت في وقت سابق للأسف أن المشكل ليس العجز عن توحيد المدارس بل إننا عجزنا عن توحيد المنهج فمناهجنا متعددة ولا يحل مشكلتنا إلا مدرسة عمومية موحدة يوجد فيها الموريتانيون من مختلف أعراقهم وجهاتهم، والتعليم الذي كان سائدا يشكل الكثير من الازدواجية وكان دوره دورا سلبيا في الحياة العامة، ونأمل أن نعطي هذا المشروع الإصلاحي الذي انطلق مؤخرا الوقت الكافي لكي يعطي ثماره، فنتيجته لا يمكن أن تثمر في سنة ولا سنتين ولا ثلاث سنوات وإصلاح التعليم والمدرسة العمومية يتطلب الاهتمام بالمدرس لكي يحتل مكانته ويلعب دوره التاريخي لأن المعلمين كانوا حاضرين في عمليات التغيير والنضال في تاريخ البلد والتطور في الحياة العامة وكانوا هم الرافد الأساسي ويعني ذلك وجود مدرسة عمومية موحدة يتعايش فيها جميع الموريتانيين فليس من المقبول أن تكون لمجموعة من أهل موريتانيا مدرسة خاصة بها وكلٌ له برنامج ومنهج يخصه وكل المؤشرات تدل على أننا بدأنا مشروع إصلاح ولكنه يتطلب الوقت الكافي والوسائل الضرورية.

موقع الفكر: هل ترون أن المشكل اللغوي مشكل سياسي أم مشكل تربوي؟

المدير بن بونه: اللغة لم تكن مشكلا عبر التاريخ، والموريتانيون اللغة التي يحبون التعلم يمكنهم أن يتعلموا بها واللغة العربية هي اللغة الرسمية لهذا الشعب وهي لغة توحيد ولا تخص جهة عن جهة أخرى وهي لغة القرآن ولغة العلم والحضارة والتاريخ، والشعوب لا تحقق نهضة إلا بلغاتها وهذا رأيي الشخصي وأرى أنه ما ينبغي فعله والعالم اليوم عالم انفتاح ويجب أن يتفق الموريتانيون على الصيغة التي يدرسون بها والتعليم هو مفتاح لا بد منه.

موقع الفكر: ما تقويمكم لمندوبية تآزر؟

المدير بن بونه: أعتقد أن وكالة تآزر لعبت دورا في هذه الفترة خاصة مع مجيء كوفيد في السنة الماضية، فصرفت الكثير من المبالغ النقدية وبنيت الكثير من المدارس وأنجزت الكثير من المنشئات الصحية وتدخلت في الكثير من المشاريع وأنجزت الكثير من العمل وساهم عملها في التخفيف من جائحة كوفيد على حياة الناس، ودورها رئيسي ولها رمزية كبيرة واهتمام خاص من قبل فخامة الرئيس وأعتقد أنها تتدخل في الوقت المناسب سواء من خلال التوزيعات النقدية أو من خلال تمويل المشاريع الصغيرة أو من خلال بناء الوحدات الصحية والمدارس.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الزراعة في موريتانيا؟

المدير بن بونه: أظن أن الزراعة أخذت مسارا هاما بدأه فخامة الرئيس من خلال الاستصلاحات، وأظن أيضا أن الناس المعنيين بهذه الاستصلاحات استفادوا منها، فالزراعة مهمة جدا ومن المهم وجود المستثمرين فيها وكذلك من المهم للتجمعات الصغيرة والمتوسطة أن تدمج وتوفر لها الوسائل وهو ما نجح فيه فخامة الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني في زيارته الأخيرة لمشروع الشيشية واستصلاح المنطقة وتوزيعها بعدالة ولن تجد احتجاجات على المنهجية التي اعتمدت من قبل السلطات المحلية والبلدية في توزيع الأراضي على المجموعات المحلية ولأول مرة يمكن للمزارعين الصغار أن يحرثوا أرضهم.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

المدير بن بونه: أحب أن أقول إن هناك آفاقا واعدة ونعتبر أن وجود فخامة الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني اليوم في السلطة فرصة تاريخية للموريتانيين، وأن التشاور الوطني المرتقب فرصة أساسية ينبغي علينا استغلالها وعدم تضييعها لحسم الإشكالات الوطنية الكبرى الاجتماعية منها والاقتصادية وننطلق بنموذج تنموي واجتماعي وتعليمي يشارك فيه كل الموريتانيين وهي مناسبة لتجاوز الكثير من الإشكالات التي نريد تجاوزها ويجب أن يناقش الموريتانيون أجواء التهدئة السياسية وما يؤكد ذلك أن التشاور المرتقب ليس فيها حواجز ويجب على الجميع من قوى المجتمع المدني والقوى الاجتماعية المساهمة فيه، لأنه لا ينبغي أن يكون هناك ما يشغلنا عن قضايا التنمية وتحسين حياة المواطنين التي صارت تشكل إلحاحا حقيقيا كتوفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وغيرها فالاستقرار السياسي يجب أن تخلق له الظروف الملائمة وأظن أن هناك آفاقا واعدة في المستقبل لخلق الشعور بالانتماء للوطن وتعزيز المأسسة.