تفاصيل معلومات تنشر لأول مرة عن المكالمات المسربة لولد الغزواني

اثنين, 08/16/2021 - 23:13

الحقيقة / نواكشوط / ذات مساء شتوي من يناير 2018 كان الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز يقضي عطلته السنوية في منتجعه بولاية تيرس زمور الخضراء ذاتُ الشتاء الساحر، والصباح الملبّد بقطرات النّدى على الكُدى الورْدية، العيسُ تسرحُ في نبات الأقْحوان، والفصلان تألف الأرض المعطاء كما يألفها عزيز وولد بايه الهاربيْن من صخب المدينة وضجيجها، وفي السهول البعيدة تتجافل الظباء ويسيل لعاب الصيادين.

في ذلك الجو الممتع وفي إحدى الليالي الشتوية أخلد الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى سريره أمام خيمة قطن مضروبة في سفح كديّة، استخرج جهاز الكومبيوتر المحمول وكان في جيب حقيبة الجهاز قرصٌ ابيض من نوع HP سعته 16 gg ، فتح القرص وقلّب بعض الملفات المخزنة تحت أسماء شخصيات سامية في الدولة، فتح أحد الملفات وبينما هو يستمع لتسجيل صوتي إذا به يضم مكالمات منسوبة لرفيق دربه قائد أركان الجيوش الفريق محمد ولد الشيوخ الغزاني مع إحدى السيدات.

لم يول الرئيس المهموم أي اهتمام لتلك التسجيلات المنسوبة لقائد الأركان رغم انه سمع كل كلمة من تلك التسجيلات المثيرة، الرئيس المرهق بهمومه والتي من أهمها موضوع ترتيب ما بعد انتهاء المأمورية الثانية أجرى نفس الليلة مكالمة مطولة عبر الوتساب ناقش فيها مع الطرف الآخر تفاصيل تشكيل لجنة تسيير وإصلاح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم.

عاد ولد عبد العزيز إلى عاصمة تحضر لأجواء سياسية ساخنة، ودارت الأيام دورتها مرات حتى فاتح مارس 2019 عندما ظهر وزير الدفاع حينها محمد ولد الشيخ الغزواني بأناقته المعهودة وهو يرتدي دراعة بيضاء من نوع "أزْ بي" في ملعب العاصمة يعلن ترشحه للرئاسة ويعد ببرنامج متكامل يتعهد فيه للمواطن ـ وللعهد عنده معنى كما يقول ـ بغد أفضل، خطوة أزعجت خصوم الرجل الصامتين فكان لا بد من خطة كيدية تشوش على المرشح بعد المحاولات اليائسة لإقناع الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالترشح لمأمورية ثالثة.

في مساء 18 مارس كان أحد رجال الأعمال المقربين من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يخطط وكان على موعد مع صحفي مشهور ومدير لإحدى القنوات المحلية ، لم يكن ثالث الاثنين في الجلسة المسائية سوى القرص الأبيض من نوع HP، تشاور الرجلان كثيرا وهما يحتسيان شايا معدوم السكر، كيف يفشلان برنامج المرشح ويشوشان على ترشحه، تمخض الاجتماع الذي استغرق ساعتين في منزل رجل الأعمال بتفرغ زينه على توزيع الأدوار؛ حيث تولى الصحفي دور إخراج ومونتاج الصوت والتلاعب بالمكالمات بينما عهد رجل الأعمال مهمة أخرى أكثر تعقيدا لأحد الوزراء السابقين و رجالات الدولة، وكان الوزير مدينا لرجل الأعمال بالتوسط لإقناع ولد عبد العزيز بالتجديد له في منصبه بالسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، عهد إلى الوزير بالاستشارة في إنشاء منصة تحمل اسم "غزواني الوجه الآخر".

تكفلت المنصة بتشويه صورة المرشح وتسريب المكالمات المنسوبة له بعد معالجتها والتلاعب بها من فريق الصفحة المونتاج وتم تمويلها والترويج لها بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي.

الآن وبعد سنتين من فشل المخطط وفوز المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني واعتلائه كرسي الرئاسة لم يفتح تحقيق في الملف المثير للجدل وبقيت أسئلة عالقة من قبيل : هل الصوت المنسوب لغزواني صوت أحدهم قلد الرجل ويبدو أن التلاعب بادٍ للعيان؟ وهل ما زال للصفحة أهداف فهي ـ وإن توقف نشاطها ـ لم تعطل من الفيس بوك بعد؟

السيد الوزير ـ المدير حاليا ـ أصبحت لديه عقدة من ملف القرص الأبيض وظلت علاقته بالنظام الحالي متدحرجة رغم أنه يشغل اليوم منصبا عاليا في أحد الشركات الكبرى، حيث لم يعد يستقبل مكالمات رجل الأعمال حتى لا يتذكر الملف الأكثر تعقيدا في تاريخ الحملة الرئاسية 2019.

وأخيرا حق للرأي العام ان يتساءل عن مصير ذلك القرص الأبيض والراجح أن السيول قد جرفته في مرابع ولد آدبه ذات يوم ماطر، بينما كان أحدهم ينتجع في "أخشام تكانت.." ويتمتع بنغمات "ابتيت الخليفه وديمي" وهما يبكيان مع ولد الكصري تلك البناية الخالدة:

نعرفْ بنايَ كانتْ هونْ == دهرْ ابعيدْ ؤمنْ هونْ ؤدونْ

أل عادتْ باطْ اجدرْ بونْ == ؤعكبت عادتْ تمْبصْكايَ

افرغْ هاذَ كامل يكونْ== اركيك ؤنتبب صدرايَ

ماه بنايَ باطْ الله== يكطعْ بالدنيَ خلاّيَ

معودْ لامتهَ والتنزاهْ == اعكوبتهمْ ردْ اروايَ

الشروق