
أجمع المشاركون في ندوة تشريح الاستعمار "المنعقدة على هامش الطبعة 22 من صالون الكتاب أن مخلفات الظاهرة الاستعمارية ما تزال سارية المفعول ومخلفاتها تتجسد في المشاكل السياسية والاقتصادية والثقافية التي تعرفها دول المستعمرات.
أكد المؤرخ السويسري نيلس أنديرسون أن الحركات الاستعمارية بدأت في التبلور والظهور بعد سقوط غرناطة عام1492 حيث كان الغرب يرى في باقي الأمم شعوبا غير متحضرة، وجاء هو لينشر المسيحية ويقودها إلى نور الحضارة، وأضاف المتحدث أن الحركات التحررية التي عرفتها عدة بلدان في إفريقيا وأمريكا اللاتينية هي وليدة الحركات الاستعمارية الجائرة القائمة على أسطورة الرجل الأبيض، مؤكدا أن الاستعمار اليوم أضحت له أوجه جديدة منها الشركات المتعددات الجنسيات التي عوضت الجيوش في محاولاتها للسيطرة على خيرات الشعوب. الباحث فؤاد سوفي توقف في مداخلته عند الظاهرة الاستعمارية التي قال إنها بقيت غير مدروسة عندنا لأنها كنظام بقيت مستمرة ومخلفاتها بادية لأن الظاهرة الاستعمارية مرتبطة جذريا بالعنصرية رغم أنها أي "الظاهرة الاستعمارية" تجد دائما المبررات التي يفرزها نظامها لإقناع غيره بالجرائم التي يرتكبها.
عدد الأستاذ ريوس سالوم القادم من المكسيك في مداخلته ما خلفه الاستعمار الاسباني على شعوب أمريكا اللاتينية بسعيه لفرض المسيحية على شعوب تلك الأقاليم واستنزاف ثرواتها والقضاء على هويتها. المحاضر اعترف ضمنيا أن الظاهرة الاستعمارية قد تنطلق من منشأ ديني في حين ذهب السنغالي ماليك كان إلى كون الحديث بلغة المستعمر هو نوع من العنف الرمزي الذي خلفته الحركات الاستعمارية التي عملت على تمزيق هويات الشعوب. وأضاف الباحث قائلا إن الغرب يتخذ اليوم من القوى التكنولوجية الحديثة ومواقع التواصل وسائل للإبقاء على سيطرته على الشعوب.
وقال موقع الشروق الجزائري أن الدكتور عبد الله حمادي فرّق في مداخلته بين الاستعمار الاستيطاني الذي عرفته شعوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية والذي سعى إلى تهديم ومحو حضارة تلك الشعوب تحت شعار الوطنية الدينية الذي رفعه مثلا الاستعمار الاسباني في أمريكا اللاتينية وبين التواجد الإسلامي في شمال إفريقيا والأندلس والذي كان حاملا لمشروع حضاري ولم يسع لفرض العقيدة على شعوب المناطق التي تواجد فيها رغم أن الحضارة الإسلامية في الأندلس امتدت لقرون طويلة