من المصنع المتوقف إلى الأمل المتجدد: قصة عودة ألبان النعمة بسواعد فنية وطنية"

جمعة, 05/02/2025 - 13:52

الحقيقة / نواكشوط/ بداية، أقدم التهنئة لكل عمال قطاع التنمية الحيوانية، وأخص بالذكر هنا عمال الشركة الموريتانية لمنتجات الألبان SMPL لتعلق هذه الخاطرة بهم، وهي مناسبة أيضا لشكر عمال هذه الشركة على ما يبذلونه لإعادة تأهيل شركتهم ووضعها على طريق الاستدامة، إن شاء الله.

ولقد بدا لي من باب موافقة الكلام لمقتضى الحال، بمناسبة عيد العمال، تخصيص هذه الخاطرة لبيان بعض الخلفيات الفنية التي تفسر للرأي العام طبيعة وحجم التحديات التي واجهتها إعادة تشغيل مصنع الألبان بالنعمة، ولإطلاعه على الجهود الكبيرة التي بذلها وما زال يبذلها الفريق الفني للشركة في إطار إحياء هذا المشروع الوطني الهام ووضعه على طريق الاستدامة.
وقد حدتني إلى ذلك الرغبة في الأجر بالمساهمة في نشر قيمتي العدالة والشفافية.
كما خشيت من ناحية أخرى أن نكون ممن يكتم الشهادة عند ما لا نقدر دور فريق المهندسين وباقي العمال الفنيين في مصنع الألبان بالنعمة، الذين ضحوا بكثير من وقتهم وجهدهم لتحضير إعادة إطلاق المصنع المتوقف منذ أزيد من ثلاث سنوات، مع إصرارهم على استكمال المتطلبات الفنية لاستدامة لإنتاجه، أو بعبارة أخرى إعادة تأسيسه على قواعد فنية مستدامة.
تماما مثل ما نريد إعادة تأسيس الشركة نفسها على قواعد مؤسسية مستدامة.

بدأ الفريق الفني للشركة الموريتانية لمنتجات الألبان عملية تحضير إعادة إطلاق مصنع الألبان في النعمة منذ انعقاد مجلس الوزراء في النعمة في مارس 2023 الذي أعلنت فيه الحكومة إعادة تأهيل الشركة ومصنعها ووضعها على طريق الاستدامة.

وتكثفت جهود الفريق من الناحية العملية منذ شهر يونيو الماضي، تاريخ الحصول الفعلي على الجزء الأول من ميزانية الاستثمار الموجهة لإعادة تأهيل المصنع.
وينسق عمل هذا الفريق مدير عام للشركة من نفس الخلفية الفنية، وقد اختارته الحكومة تبعا لذلك نظرا لطبيعة المرحلة التي توجد فيها الشركة.
وتذلل الحكومة، على مختلف مستويات القرار فيها، كل الصعاب التي تعترض إعادة تأهيل المصنع، بجعلها ذلك المشروع الاستراتيجي في مقدمة أولوياتها. وقد اختارت إسناد مسؤولية القطاع الذي تتبع له الشركة إلى مهندس على دراية بالواقع الفني للشركة ومصنعها، وسهلت للشركة كل إجراءات الصفقات العمومية والتحويلات المالية المطلوبة.

ومنذ البداية، قسم الفريق الفني للشركة عملية تأهيل المصنع إلى مرحلتين:
- مرحلة إعادة تشغيل المصنع؛
- ومرحلة تأمين استدامة إنتاج المصنع.

واليوم يوشك الفريق الفني للشركة على الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى - إعادة تشغيل المصنع.
فقد تم تجهيز خط إنتاج الحليب قصير المدة (الحليب المبستر الحوض، واللبن الرائب إنكادي) في شهر يناير الماضي.
وظل فنيون من الشركة الإيطالية IPI المصنعة لخط تعليب الحليب طويل المدة (إنكادي، البهجة) منذ شهر تقريبا عاكفين على تنفيذ أعمال الصيانة الشاملة لهذا الخط، وأجريت التجارب الأولية بالحليب؛ ليستعدوا للمغادرة غدا على وعد بأن يصل التقرير المتعلق بنهاية أعمالهم من الشركة IPI في الأيام القادمة، مع التوصيات المهمة المنتظرة منهم.
ويصل غدا خبير هندي في مهمة تستغرق أسبوعا لإجراء الصيانة الشاملة على وحدة إنتاج البخار (إحدى أهم وحدات قطاع الخدمات) ولتقديم خطة لتركيب وحدة ثانية في أقرب الآجال.
وقد عينت الإدارة العامة للشركة لجنة فنية خاصة للقيام بالجرد النهائي لمتطلبات إعادة التشغيل، بتفقد وحدات المصنع مع مراكز التجميع مرة أخرى، وتقييم التقرير المنتظر من IPI.
وهي نفس اللجنة التي أسندت لها الشركة إصدار التقرير الذي يشكل صفارة الانطلاقة لإعادة تشغيل المصنع رسميا.
كما كانت الشركة -بالمناسبة- قد عينت قبل ذلك لجنة للتواصل من جديد مع المنمين لتحضير عملية التمون بالحليب.
وننتظر أن نرى عن قريب، إن شاء الله، منتجات حليب الحوض ولبن إنكادي الرائب، وحليب إنكادي، وحليب البهجة في السوق، لنخرج بتهنئتنا الحارة المستحقة للفريق الفني وكل طاقم الشركة.

وفي هذا السياق، أود أن أشير إلى عناوين بعض أهم التحديات التي واجهتها مرحلة إعادة تشغيل المصنع حتى الآن:
- ظروف توقف المصنع: فقد توقف فجأة ولم يقم بالإجراءات التي يتطلبها توقيفه وبقي كذلك طيلة سنة 2022؛
- إدارة عملية تأهيل المصنع بالخبرة الذاتية للفريق الفني: في ظل عدم وجود شريك فني يمكنه تحمل مسؤولية تأهيل مصنع بوضعية فنية غير محددة؛
- إجراء التشخيص الفني للوحدات الإنتاجية للحليب بالخبرة الذاتية للفريق الفني.
- إجراء التشخيص الفني لنظام الكهرباء وأنظمة التحكم بخبرة الفريق الفني مدعومة من فريق فني من شركة اسنيم.
- إجراء التشخيص الفني لنظم الخدمات الأخرى بالخبرة الذاتية للفريق الفني.
- التحضير والإشراف على الدراسة الفنية والمالية لاحتياجات تأهيل المصنع التي أعدها مكتب متخصص ذي خبرة دولية (HAC Tunisie) بالخبرة الذاتية للفريق الفني.
- إجراء مسح فني من طرف فريق مهندسي الشركة للسوق المحلي للمستلزمات الفنية الصناعية لتيسير حل المشاكل التشغيلية الطارئة؛
-إجراء دراسة فنية من طرف مدير الصيانة ومدير الإنتاج لأقرب سوق للمستلزمات الفنية الصناعية (سوق المغرب) لتيسير حل المشاكل التشغيلية الطارئة؛
- القيام بجزء مهم من أعمال التأهيل: مباشرة من طرف الفريق الفني، أو بالاستعانة ببعض الخبرات المتوفرة محليا في بعض الأحيان؛
- تحويل مراكز التجميع إلى العمل بالكهرباء والماء من الشبكات العامة بدل استخدام المولدات والصهاريج؛
- متابعة الأشغال والخدمات والتوريدات واستلامها بالخبرة الذاتية للفريق الفني؛
- تحضير لوازم تركيب خط إنتاج الحليب قصير المدة من طرف الشركة الموردة ومتابعة أشغال التركيب والتشغيل؛
- تحضير ومواكبة أشغال الصيانة المباشرة لخط تعليب الحليب طويل المدة مع الشركة المصنعة IPI؛
- تحضير ومواكبة أشغال الصيانة الأولية عن بعد لخط تعقيم الحليب طويل المدة مع الشركة المصنعة REDA؛
- تقييم لائحة العمال القدماء، واختيار الطاقم المستقبلي للمصنع، وتدريبه بالاعتماد إلى حد كبير على الخبرة الذاتية لفريق المهندسين.

أما المرحلة الثانية - مرحلة تأمين استدامة إنتاج المصنع التي ستبدأ بعد إعادة التشغيل، فسيكون من عناوينها البارزة:
-تحضير ومواكبة أشغال الصيانة المباشرة لخط تعقيم الحليب طويل المدة مع الشركة المصنعة REDA؛
-اقتناء وتركيب وحدة ثانية لإنتاج البخار لتفادي توقف إنتاج المصنع إن توقفت الوحدة الحالية؛
-اقتناء وتركيب وحدة ثانية لإنتاج الماء المثلج لتفادي توقف إنتاج المصنع إن توقفت الوحدة الحالية؛
-اقتناء وتركيب مولد كهربائي جديد لتفادي توقف إنتاج المصنع إن توقفت الشبكة العامة؛
-اقتناء وتركيب وحدة ثانية لإنتاج الهواء المضغوط لتفادي توقف إنتاج المصنع إن توقفت الوحدة الحالية؛
-إصلاح أو استبدال وحدات تصفية النفايات السائلة في المصنع ومراكز التجميع لتفادي أثرها البيئي.

هذا ما تيسر من ذكر لجهود الفريق الفني في إطار تكفلهم وإشرافهم على تنفيذ عملية إعادة تأهيل المصنع.
ولا شك أن فريق التسويق للشركة أمامه كذلك تحديات، لتنفيذ الإستراتيجية التسويقية التي تمت بلورتها.
كما أن الفريق المالي والإداري تنتظره أيضا تحديات، لبلورة خطة لتحول الشركة من وحدة تتحمل ميزانية الدولة مجمل نفقاتها إلى شركة تتكفل بتلك النفقات ذاتيا في الأمد القريب، ثم إلى شركة تحقق فائضا يعاد استثماره في التنمية في الحوض اللبني نفسه في الأمد المتوسط.

وفقنا الله وإياهم جميعا.