موريتانيا والأزمة المالية الجزائرية: هل آن أوان الوساطة الذكية؟

أربعاء, 04/09/2025 - 21:18

في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر بين الجزائر ومالي، وتضيع فرص الحوار وسط ضباب الحسابات المتقاطعة، تبدو موريتانيا وكأنها تراقب من بعيد، رغم أنها أقرب جغرافيًا وثقافيًا من أي طرف آخر. فهل يُعقل أن تستمر في الحياد، بينما تُعاد خريطة النفوذ في الساحل؟

الجزائر، التي لعبت لسنوات دور الراعي لاتفاق السلام في مالي، فقدت تدريجيًا تأثيرها بعد الانقلاب العسكري في باماكو، وانفتاح المجلس العسكري على قوى جديدة. والمغرب، من الجهة الأخرى، يتحرك بخطى مدروسة، مستندًا إلى تحالفه العميق مع السنغال، شريكه العضوي في مشاريع النفوذ غرب إفريقيا.

اليوم، العلاقة بين المغرب والسنغال تتجاوز حدود التعاون العادي، إنها شراكة عضوية تمتد من الاقتصاد إلى الدين إلى السياسة. تحالف يستغل اللحظة، ويزحف بهدوء نحو مناطق النفوذ التقليدية للجزائر، في ظل غياب وساطة إفريقية متوازنة.

وهنا، تبرز موريتانيا كمرشح طبيعي للعب هذا الدور. لا بحكم الجغرافيا فقط، بل لأن لديها قدرة على التفاهم مع الجميع دون عداء، ومعرفة عميقة بتعقيدات المشهد المالي، وثقة تاريخية من الطرفين.

لكن الوساطة لا تأتي بالصمت، بل بالمبادرة. وموريتانيا تستطيع، بالتنسيق مع نيجيريا بثقلها الإقليمي، وجنوب إفريقيا بثقلها الدولي، أن تطلق مبادرة وساطة إفريقية نزيهة، تُعيد فتح قنوات الحوار بين الجزائر ومالي، وتحاصر الاختراقات الناعمة القادمة من المحور المغربي-السنغالي.

إنها لحظة فارقة. إما أن تتحرك موريتانيا لتُعيد التوازن، أو تترك المجال لآخرين يرسمون مستقبل المنطقة بمعزل عنها.

د.محمدعالي الهاشمي