حينما نتحدث عن الثروة والفرص الاقتصادية، يجب أن نحتكم إلى البيانات والمعطيات الدقيقة، وليس مجرد التوقعات العامة. والمؤشرات الاقتصادية الراهنة تؤكد أن موريتانيا تقف اليوم على أعتاب تحوّل استراتيجي قد يجعلها من أغنى الدول العربية، متجاوزةً حتى بعض دول الخليج.
كنز اقتصادي هائل في انتظار الاستغلال
الثروة الحيوانية:
موريتانيا تمتلك واحدة من أكبر الثروات الحيوانية في المنطقة، حيث يقدر عدد المواشي بأكثر من 20 مليون رأس تشمل الإبل، الأبقار، الأغنام والماعز. هذا المورد غير المستغل بالكامل يمكن أن يضع البلاد في موقع متقدم في الصناعات الغذائية والجلدية عالميًا.
الثروة السمكية:
المياه الإقليمية الموريتانية تُعد من أغنى مصايد الأسماك في العالم، حيث تحتوي على أكثر من 600 نوع من الأسماك، ويصل الإنتاج السنوي إلى أكثر من 1.5 مليون طن، لكن العوائد الحقيقية لم تُستثمر بالشكل الأمثل حتى الآن.
المعادن:
تمتلك موريتانيا احتياطات ضخمة من الحديد، والذهب، والنحاس، والفوسفات، واليورانيوم، ويعد منجم “تازيازت” للذهب من بين الأكبر في إفريقيا، بينما تصدّر البلاد أكثر من 13 مليون طن من الحديد سنويًا، مع توقعات بزيادة الإنتاج في السنوات المقبلة.
4️⃣ الطاقة التقليدية والجديدة:
مع اكتشافات ضخمة للغاز الطبيعي، مثل حقل “السلحفاة-آحميم” المشترك مع السنغال، الذي يُقدر احتياطه بأكثر من 15 تريليون قدم مكعب، تدخل موريتانيا عصرًا جديدًا من الطاقة، يجعلها مركزًا عالميًا للغاز المسال.
5️⃣ الهيدروجين الأخضر.. موريتانيا في قلب الثورة الطاقوية:
تُعتبر البلاد واحدة من أفضل المواقع عالميًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بفضل مزيج مثالي من الطاقة الشمسية والرياح، مع مشاريع ضخمة مثل مشروع “نور”، الذي قد يجعل موريتانيا رائدة عالميًا في الطاقات النظيفة.
المعركة القادمة: الهوية والسيادة الوطنية
أمام هذه الطفرة الاقتصادية، ليس غريبًا أن تتجه الأنظار إلى موريتانيا، لكن المثير للقلق هو التدفق غير المؤطر للمهاجرين الذين يسعون للحصول على الجنسية، مدفوعين برؤية مستقبلية تدرك أن هذا البلد مقبل على ازدهار هائل.
إن مفهوم الجنسية ليس مجرد وثيقة، بل هو ارتباط قانوني، سياسي، ثقافي وسيادي. وأي محاولة لفرض واقع جديد دون ضوابط صارمة ستشكل تهديدًا وجوديًا للنسيج الوطني والهوية الموريتانية.
الخاتمة: المستقبل بين أيدينا
نحن اليوم أمام فرصة ذهبية ومسؤولية تاريخية. بلادنا تمتلك كل المقومات لتكون قوة اقتصادية كبرى، لكن النجاح يتطلب إدارة حكيمة، استثمارًا استراتيجيًا للثروات، ورؤية وطنية تحمي الحقوق، وتحفظ هوية وسيادة موريتانيا.
إن الحقيقة التي لا يقولونها، والتي تحاول بعض القوى تجاهلها، هي أن موريتانيا ليست فقط دولة غنية، بل هي مرشحة لتكون من بين الدول العربية الأكثر ازدهارًا، وستكون مصدر قوة إقليمية ودولية في المستقبل القريب.
د.محمدعالي الهاشمي