خذ حجارتك... أيها الطفل الفلسطيني (2) / محمد عبد الله ولد البصيري

اثنين, 12/11/2017 - 13:12

خذ حجارتك أيها الطفل البريء.. واصفع بها خدّ العدوان .. وكبرياء الظلم .. ومدرّعات نجمة داوود ..  فقد أصبحتْ حجارتك الصماء أمضي من أسراب قاذفات الرعب في قلوب العرب.. وشظايا وعيد الرؤوس النووية   في حرب النجوم السداسية ومعارك الأقمار الاصطناعية الصليبية.. ومناوشات الأهِلّة الحمراء بين أسراب حمام الانهزام والتخلف العربي..

لله ساعدك الغض يقذف بالحجارة "البالستية" راجماتِ الصواريخ الذكية..

ويرمي بشرر الإباء قوارير "المُولوتوف" كأنها مذنبات رفض تشق سماء الاستسلام العربي الأعتم .. لله أناملك الناعمة تصغي لأنين الضاد وترسم من حبر الشهامة ودماء الشهادة حروف النصر بالخط الكوفي على خط "برليف".. لله عيناك البريئتان تمُجّان عقيد "مسيلات الدموع" .. لتنير ما أظلم عليه الذعر من مراتع ربيعة وقضاعة.. وقيس وتميم..  فما بكيْتَ إذ بكيت .. ولكن التاريخ العربي بكى على مجده الضائع .. وما رميت إذ رميت أيها الطفل البريء ..ولكن الله رمى بك كيد الظالمين حين اثّاقل منا المتخلفون ...

يا أيها الطفل الوديع.. لا تستصرخنْ جيوش الوهن العربي.. فقد ثمل سادةُ عبس  في الحانات من "كازينو" الأطماع  في "لاس فيكاس".. واعتكف سراةُ  ذبيان في محراب المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض .. وكل فرسان العرب شقوا غبار التاريخ...  فليس في سجلات الحالة المدنية اليوم رجل يسمَّى خالد بن الوليد.. ولا ضرار بن الأزور.. ولا طارق بن زياد.. ولا صلاح الدين الأيوبي...

خذ حجارتك بيد الشهامة والإيمان... ولا تطمعنّ في سلاح العرب .. فقد صدئت السيوف اليمانية على جدران الرياء .. ونامت الخناجر العربية في متحف "اللوفر".. وارتهنت دروع امرئ القيس لصندوق النقد الدولي.. وخُدّرت  قوس "حاجب" على طاولة التشريح في مختبرات "أوسلو".. أما الخيل العربية المسومة فأصبحت تجر العربات في "كامب ديفيد" Camp David  وقصر بوكينهام .. وتشرب اللبن الهولندي المعقم .. وتعلف من هدايا الصليب الأحمر .. خيل مسومة تجيد الفرّ ولا تعرف الكرّ.. تُحْسِنُ عرض آخر صيحات الأزياء النسوية.. وتفوز في مسابقات ملكات جمال العالم الرابع والخامس..

أيها الشبل الوفي.. خذ حجارتك فإن قيادة أركان الوهن العربي لم تُجهِّز جيش عسرةٍ ولا سلاح إيمان... بل أهدرتْ عتاد النعمة.. بمضاعفة تصدير ألغاز الغاز.. وإنتاج مواجع النفط..وعائدات الحديد والذهب إلى نحور العرب... وسخرت كل ثروتنا ومواردنا  لتأمين تشغيل مولدات "ديمونة" وتجهيز قواعد "المرينز"... فرُدت إلينا بضاعتنا تحرق بالفسفور الأبيض أكباد  أطفال غزة وتمزق بالقنابل العنقودية أحشاء ربات الحجال في "دير البلح".. والشعب العربي هائم في صحارى الوجود.. يبيت على الطّوَى العام والعامين لا تُوقَدُ في بيته نار حكمة تنموية.. ولا يرى بصيص خطة عسكرية.. ولا يقتات إلا من فتات أوهام الشعارات السياسية..

خذ حجارتك.. أيها الشهم الأبي... فكلما دُجِّنتْ الاستخباراتُ العربية بقِطَع الحلوى ورُمّان الهوى، وانشغل المرجفون في عواصم العالم العربي بإرسال تقارير الإفك للانقضاض على من خالف خواطر كرسي الخلافة.. بعثتْ حجارتك الصامدة من جبهة القتال برقيات النصر للمكتب العسكري الثالث في قيادة أركان الانتفاضة... وأرسلت التقارير المشفرة لغرفة عمليات العجز العربي.. تذكر الكراسي الوثيرة ببشاعة  بطش كسرى "ابرويز " بالنعمان بن المنذر.. وفواجع هولاكو وكيف استبقى الخليفةَ المستعصم  إلى أن استصفى أمواله وخزائنه وزوجاته وجواريه، ثم  أمر ألتتار أن يوضع في غرارة، و يرفس بالأرجل حتى يموت...

لقد خارت القوى ودب الوهن واستبيحت المقدسات في دار الإسلام... فما ذا لو أعاد رعاة العجز العربي التاريخ قليلا إلى الوراء؟ .. حين بلغت الدولة العثمانية ذروة مجدها وقوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وامتد سلطانها على وجه الأرض حتى وصل عدد الولايات الإسلامية المتحدة تسعا وعشرين ولاية.. تشمل أنحاء واسعة من أوروبا وآسيا وأفريقيا.... ماذا لو عقد زهاء مليار مسلم لواء البيعة من جديد  للخليفة سليمان الأول الذي بني دولة عظمى في القسطنطينية بعد أن كانت عاصمة للإمبراطورية الرومانية ثم للدولة البيزنطية؟

آهِ.. لو اقتدينا بأحفاد العثمانيين ممن أقاموا اليوم ، في جوار ضريح المجاهد أبي أيوب الأنصاري، نظاما إسلاميا ديمقراطيا عصريا فريدا.. وبيّنوا قدرة المسلمين على بناء صرح اقتصادي عالمي قوي.. وجهزوا جيشا صان كرامة الأمة وتحدي القوى العظمى حين أسقط مقاتلة روسية حاولت انتهاك حرمة الأجواء التركية.. كما رسخ روح الوعي والتضحية المواطنة في شعب رأيته بأم عيني في إسطنبول يصلت سيوف ابن الخطاب وجعفر الطيار وسيد الشهداء  في الباب العالي... وشاهدته عبر التلفزيون يحاصر دبابات الغدر بروح الإخلاص والوفاء  ويمنعها من الإطاحة بنظام سياسي أحرز المجد للأمة الإسلامية .. ونفذ سياسة اجتماعية عادلة ارتاحت لها الرعية حين حولت شواطئ بحر مرمرة وخليج البوسفور إلى جنات نعيم... (يتواصل)